فإن لم يؤرخا، وتكافأتا، وأشكل الأمر، فإن رأى قطع القضيتين، واستئناف الخصوم أفضل فعل، وذلك إن كانتا مما فيه اختلاف، وإن كانت واحدة خطأ، والأخرى ماضية. وقال ابن وهب مثله.
وروي عن مالك، وهو أيضا في العتبية من سماع ابن القاسم في قاض بالمدينة، أتي بأقضية مختلفة تقادم شأنها، واختلف أمرها، فقطعها، وأمر الخصمين بالاستئناف، فاعجب ذلك مالكا. وكذلك ينبغي إذا رفعت إليه أمور مشكلة مختلطة، ولم يجدوا لها/ مخرجا، أن يفسخ، ويأمرهم بالابتداء. وقاله ابن نافع، وقال أصبغ في مسألة مطرف: فإن كانت القضيتان من قاض واحد، وعرفت الأولى، فالآخرة أولى، ويعد فسخا إذا كانت الآخرة صوابا أو مما اختلف فيه، لا يبالي ما كانت الأولى، ولا من الجائز منهما، فإن كانت الآخرة خطأ، والأولى صوابا، نفذت الأولى، وفسخت الآخرة، وإن كانتا جميعا صوابا، ولم يكونا مؤرخين، فالحائز أولى، فإن لم يكن حائزا، فأعدلهما بينة، فإن تكافأتا تحالفا، فإن حالفا أو نكلا، كانا مبتدئين للخصومة، وإن نكل أحدهما كانت للحالف، وإن كانت واحدة مؤرخة، ولم تؤرخ الأخرى، وكلتاهما صواب، فذات التاريخ، أو كان حائزا أولا، تكافأت البيتان أو لم تتكافئا، إلا أن تكون ذات التاريخ خطأ بينا، والأخرى صوابا، فتكون أولى، وإن كانتا جميعا خطأ فسختا وابتدأ الخصوم، وإن كانت القضيتان لقاضيين، مضت الأولى إن كانت صوابا، أو مما اختلف فيه، مضت الآخرة، وفسخت الأولى، وإن كانتا جميعا صوابا، فالجواب فيها كالجواب إذا كانت من قاض واحد. وبه قال ابن حبيب. [٨/ ١٠٠]