يكن للورثة معاودة اليمين لنكولهم عنها أولا إلا أن يقولوا: لم نعلم أن لنا فيه فضلا، ويعلم ذلك، فليحلفوا ويأخذوا.
قال سحنون: وإنما كان للورثة أن يحلفوا أولا لأنهم لو نكل الغرماء عن اليمين أنهم لم يقبضوا دينهم كان للورثة اليمين مع الشاهد، فلذلك لهم الحلف أولا إذا لم يقم الغرماء، فأما إن قاموا وثبتت حقوقهم وطلبوا أن يحلفوا فهم المبدؤن بها، لأنهم أولى بتركته، وروى ابن المواز عن مالك مثل ما تقدم، وقال محمد: والمعروف لمالك أنه يبدأ بدين الورثة إن كان في الحق فضل عن دين الغرماء، فإن لم يكن فيه فضل فلا يحلف إلا الغرماء، فإن نكلوا / حلف الغريم وبرئ.
وقد روى ابن وهب في قيام شاهد بدين للميت يقوم به غرماؤه: أن الورثة يحلفون معه، فإن نكل حلف غرماؤه واستحقوا قدر دينهم، فإن فضل شيء لم يأخذه الورثة إلا بيمين.
قال أصبغ: وإن حلف الغرماء ثم طرأ مال آخر للميت فلهم الأخذ منه، ثم لا يكون للورثة أخذ الدين الذي فيه الشاهد إلا بيمينهم، قال محمد: بل ليس للغرماء ولا للورثة أخذ الدين إلا بيمين الورثة، ولا تغني يمين الغرماء التي حلفوا أولا، لأنه لما طرأ مال بقي بدينهم صار الورثة أقعد بدين الميت وباليمين عليه مع الشاهد، ولو لم يطرأ مال، لكن لما حلف الغرماء واستحقوا دينهم تركوا للميت، فصار كمن لا دين عليه، وصار الدين ميراثا، قال: وإذا نكل غرماء الميت عن اليمين حلف المطلوب وبرئ، ولا حق في ذلك للورثة إلا أن يفضل منه عن الدين فضل فيحلفون إن شاؤوا. قال مالك: فإن كان فيه فضل قيل للورثة: احلفوا واستحقوا الفضل فقط إلا أن يتبين من الغرماء أنهم ما تركوا دينهم إلا للورثة خاصة أو للذي هو عليه، وإلا فهو للميت. [٨/ ٤١٤]