اتهموا في شهادتهم أو رجعوا عنها لشك خالطهم، لأن العقوبة في هذا، بخلاف أن لا يرجع أحد عن شهادة شهد بها على باطل أو شك إذا أراد التوبة الذي شهد على الباطل، أو تثبت الشاك خوفا من العقوبة، وقال بعض أصحابنا: لو عوقب المتهم لكان لذلك أهلا، وأرى أن لا يعاقب.
ومن كتاب ابن المواز: قال: وإذا شهدا في قتل أو غيره ثم رجعا بعد الحكم، فرجوعهما ليس بشهادة، وهو إقرار على أنفسهما بما أتلفا، وشهادتهما الأخرى باطلة، والحكم ماض، وروي لنا ذلك عن عبد العزيز بن أبي سلمة، وعن ابن القاسم، وكذلك سمعت عبد الملك وابن عبد الحكم يقولان، وقاله أصبغ، وقاله غير أصحاب مالك من العلماء، واختلف أصحاب مالك: هل عليهما الأدب؟ فقال ابن القاسم وعبد الملك: عليهما الأدب الموجع، وقال أيضا: ولو أدبا لكانا لذلك أهلا، وقال ابن عبد الحكم: لا أدب عليهما؛ لأن ذلك توبة، فليس كل تائب يضرب، ولو ضرب ما رجع راجع عن باطل.
وقال أشهب: لو عوقب من رجع لم يرجع أحد عن شهادة باطل أو شك إذا خاف العقوبة، وكذلك المرتد إذا رجع إلى الإسلام لم يعاقب، وكثير من يختار القتل على الضرب.
قال سحنون: ولو شهدا على رجل بسرقة أو قصاص، ثم أتيا قبل الحكم بآخر فقالا: هذا هو، فلا تقبل شهادتهما على الأول ولا على الآخر، وقد خرجا من حد العدالة، ويحدان/ فيما شهدا به من الزنا حد القذف في الحر المسلم، وإذا رجعا بعد الحكم في جميع ذلك فلا يرد الحكم، قالا: وهمنا، أو قالا: تعمدنا.
قال في كتاب ابن المواز: إذا رجعا قبل الحكم فقالا: وهمنا فقد صارا غير عدلين فلا يقبلا، وقاله ابن القاسم وأشهب، وقالا: ولو قالا في آخر: على هذا أشهدنا ووهمنا في الأول فلا يقبلا على واحد منهما، وقاله ابن القاسم عن مالك، قال أشهب: كان ذلك في حق أو قتل أو سرقة لأنهما أخرجا أنفسهما [٨/ ٤٣٨]