قدم المشهود بقتله فقد ظهرت حقيقة باطل ما شهدا عليه به.
قال ابن سحنون عن أبيه: إذا شهدا أنه قتله عمدا، فقضي بالقتل، وقتل المشهود عليه، ثم قدم المقتول حيا، فعلى الشاهدين ضمان الدية لولاة المقتول، ثم لا يرجعان بها على القاتل بشيء، لأنهما هما اللذان تعديا وأباحا للولي قتله، وليس لولي المقتول أن يأخذ الدية إلا من الشاهدين، إلا أن يكون عديمين فيرجع على الولي القاتل المتلف للنفس، فإن أخذ ذلك منه لم يرجع على الشاهدين به، لأنه هو الذي أتلف النفس، وهو كمن تعدي على مال رجل فأطعمه لآخر لا يعرم بعدائه، فله طلب المتعدي [ثم لا رجع المتعدي على الآكل بشيء، فإن كان المتعدي] عديما رجع به على الآكل، ثم لا يرجع الآكل على المعتدي.
وقد روي أن ولي الدم مخير إن شاء اتبع بذلك الشاهدين، فإن اختار ذلك لم يكن له التحول عنهما إلا أن يعدما فيكون له، لأنه لو أخذ ذلك الشاهدين لرجعا بذلك على الولي، وإن اختار تضمين القاتل، فليس له التحول عنه إلى الشاهدين، أعدم أو لم يعدم، ولو ودى الولي إلى القاتل لم يكن له رجوع على الشاهدين، وقد روى أنه لا يرجع على الولي بشيء، لأن ظهور المحكوم بقتله حيا قد أبطل الحكم، ولا شيء على الولي لأنه أخذ ما أعطاه الشاهدان/ على أنهما صدقا عنده، والذي أخذ قصاص لا ثمن له، وعلى الشاهدين غرم الدية، لأنهما اللذان أتلفا ذلك، ولا شيء على الحاكم، لأنه قد اجتهد كما عليه.
قال: وإن شهدا أنه قتله خطأ، فقضي على العاقلة بالدية، فأخذها الأب، ثم قدم الابن حيا، فللعاقلة أخذ الشهود بما ودوا حالا، ولا شيء لهم على الولي [إلا في عدم الشهود، فيأخذون بها الولي مأخذه، فإن وداها الشهود لم يرجعوا بها على الولي] وإن وداها الولي، ثم لم يرجع بها على الشهود. [٨/ ٥٢٥]