وقد روي أن العاقلة مخيرة، فإن اتبعت البينة فلا يتحول عنهما إلا أن يعدما فيطالب الولي لأنهما كانا لو أغرما أولا الشاهدين، كان لهما أن يرجعا بذلك على الولي، وإن تابعت الولي فلا تتحول عنه وإن أعدم، لأنه الذي أخذهما، وهو لو غرمها لم يرجع بها على الشاهدين.
قال سحنون: ولو شهدا على إقرار رجل أنه قتل فلانا عمدا، وادعى ذلك الولي فقضي عليه بالقتل، ثم قدم المشهود بقتله حيا، فلا ضمان على الشهود ها هنا، لأنهم إنما شهدوا على إقراره، ولولي المقتول بالقود أن يضمن القاتل الدية، لأنه أتلف النفس، إلا أن يرجعا عن شهادتهما فيقولا: ما أقر عندنا بشيء وقد كذبنا، فيكون كما قلنا في المسألة المتقدمة، وكذلك لو شهدا على إقراره أنه قتل فلانا خطأ، فقضى القاضي عليه بالدية في ماله، ثم قدم المشهود بقتله حيا، فلا شيء على / الشهود في هذا، لأنهما إنما شهدا على إقراره، وليرجع الذي ودى الدية بها على من قبضها منه، إلا أن يرجعا عن شهادتهما في الإقرار ويقرا بالزور.
ولو شهدا على شهادة شاهدين: أن فلانا قتل فلانا خطأ، فقضي القاضي بذلك، وأغرم العاقلة الدية، ثم قدم المشهود بقتله حيا، فإنه تردع العاقلة على الذي قبض منهم الدية، فيأخذوها منه تاجزة، ولا شيء على الشهود، لأنهم شهدوا على شهادة غيرهم، إلا أن يقروا بتعمد الكذب في نقلهم فيكون – كما تقدم – أن للعاقلة أخذ الولي بالدية، ثم لا يرجع بها الولي على الشهود، فإن رجعوا بها على الشهود كان للبينة أن يرجعوا بها على الولي.
ومن كتاب محمد بن عبد الحكم: وإذا شهد شاهدان أن رجلا حلف، يعني: بحرية عبده: أن في قيده عشرة أرطال، وقد حلف بحريته: أن لا ينزع عنه القيد شهرا، وقد فعل العبد ما يستوجب به ذلك، ثم أتى شاهدان فشهدا أنه ليس في القيد ثمانية أرطال. قال عبد الله: أراه يريد: فحكم القاضي بحرية العبد، قال في الكتاب: ثم إن السيد نزع القيد، قال عبد الله: يريد: بعد الشهر، قال:[٨/ ٥٢٦]