وإذا طلقت امرأة فقالت: قد انقضت عدتي والزوج يعلم/ أنها كاذبة فحكم لها القاضي أن تتزوج، فلا يجوز لها أن تتزوج حتى تخرج من عدتها، ولو كانت حاملا فحتى تضع، والحكم لا يحل لأحد ما يعلم حرامه، وذكر الحديث المتقدم ذكره، قال بعض أصحاب أبى حنيفة: إنه يجوز لأحد الشاهدين اللذين شهدا بطلاقهما وقضي بشهادتهما أن يتزوجها، لأن الحاكم قد فسخ نكاحها، والنبي (صلي الله عليه وسلم) لم يبح بحكمه لمن علم منه مالم يعلم النبي عليه السلام، فكيف بحكم غيره ولزمهم أن من أقام بينة أنه ابن فلان الميت وهو يعلم كذبهما، وأنه ليس بابنه، يجوز له أخذ ميراثه، وكذلك يلزمهم إن حكم في أخت رجل أنها بنت فلان لغير أبيها، أنه يجوز لأخيها أن يتزوجها، أو حكم في أم رجل أنها ليست بأمه، وأن أمه امرأة أخرى، يجوز له تزويجها.
أرأيت إن أشترى شاة مذبوجه، فقام المشتري فقال: قد صح عندي أنها ذبحت بعد أن ماتت، فلم يقبل الحاكم منه ذلك وألزمها إياه، أيحل له أكلها؟ واحتجوا باللعان فقالوا: أرأيت إن علم الزوج أنه كاذب أتحل له بعد ذلك؟ وهذا غير مشتبه، لأن اللعان قد علم الإمام أن أحدهما كاذب، فصار حكما على الصادق والكاذب أن لا يتناكحا أبدا. والشاهدان- يعنى بالطلاق- لو علم الحاكم أن أحدهما كاذب، لم يفرق بينهما بشهادتهما، وقياس هذا أن يقول: إن المحكوم عليه بالطلاق ثلاثا، للزوج أن يتزوجها، وهذا لم نعلمه نحن ولاهم، والشاهدان بالطلاق / المزوران كيف بتزويجها أحدهما وهما يعلمان أنهما كاذبان؟ وهذه ذريعة إلى أن من طلب نكاح ذات زوج فلم يمكنه: أن يشهد عليه رجلان بطلاقها ثم يتزوجها من شاء منهما.
أرأيت إن شهدا على حر مسلم أنه من أهل الحرب قد أسر، فقضي عليه بالرق، أيحل لأحدهما أو لمن علم ذلك أن يسترقه؟ أو كانت أمة أن يطأها، وإذا شهدا أن فلانا أقر أن هذه الصبية ابنته، فحكم لها بالنسب ثم ماتت على مال، [٨/ ٥٣٩]