ولو فرق بينهما السلطان بشهادة عدلين، ثم تزوجها أحد العدلين ورجع عن شهادته أنه شهد بزور، فإنه يفرق بينه وبينها، لأنه مقر أنها زوجة رجل لا تحل له، ويفرق بينهما وبينه بطلقة على ظاهر الحكم، وعليه الصداق إن بنى بها، أو نصفه إن لم يبن بها، ولا حد عليه، ويؤدب في شهادته بالزور، وإن ادعى وهما لم يؤدب، ولو رجع الشاهدين ثم أراد أن يتزوجها وهي لا تعلم أنهما شهدا بزور، فإن الحاكم يمنعه من نكاحها، لأنه أقر أنها ذات زوج [فإن نزع عن قوله وقال: وما شهدت إلا بحق، وثبت عندي ما كنت فيه شاكا، فله أن يتزوجها إذا / حلف، وقد قيل: إنها لا تحل له لإقراره أنها ذات زوج] إلا أن يموت الزوج.
وإن شهدا أنه أعتق جاريته هذه فقضى القاضي لها بالعتق، ثم رجعا فالحكم ماض. وإن علمت هي أنها شهدا بزور، لم يحل لها أن تبيح نفسها، وإن لم تعلم فلها التعلق بالحكم الظاهر، وإن علمت كذبهما فلا تبيح نفسها إلا أن يرضى السيد بأخذ القيمة من الشاهدين، فيتم بذلك ما قضى لها به القاضي من حريتها.
ومن كتاب محمد عبد الحكم: وإذا شهدا أنه طلق امرأته ثلاثا، فقضى بذلك القاضي، ثم رجعا فلا يحل لأحدهما أن يتزوجها، وهي حلال لغيرهما ممن لا يعلم بكذبهما، والحكم الأول ماض، ولا يجوز للزوج أن يتزوجها إلا بعد زوج، وإن شهدا أن ملك امرأته أن تطلق نفسها ثلاثا إن شاءت، وأنها طلقت نفسها ثلاثا، فقضي عليه بذلك، وهي تعلم أنهما شهدا بزور، فلا يحل لها أن تتزوج، ولا يحل لها أن تمكن من نفسها زوجها المقضي عليه.
وإذا علمت هي أن الزوج فارقها وأنكر، فقامت عليه بالبينة، فلم يثبتوا عند القاضي، فردها إليه، فلا يحل لها أن تمكنه من نفسها، ولا يحل له وطؤها إذا علم مثل ذلك، وحكم القاضي بردها إليه لا يحل أحدهما لصاحبه، ولومات الزوج الأول، جاز للشاهدين أن يتزوجها من شاء منهما بعد انقضاء عدتها من الوفاة. [٨/ ٥٣٨]