فإذا شكا جاره الضرر به بعد طول الزمان فله أن يغير لأن الكنيف يوهن ما يليه عاماً بعد عام وكذلك ما يفتحه لمستنقع المياه لأن ذلك كلما طال أضر بطوله لما يدخل من الرطوبة والبلة في بناء جاره، وكذلك الدباغ لأن ضرره يتزيد بطول المدة.
ومن المجموعة قال ابن كنانة فيمن له قطعة من أرض في فحص والقرية منها نائية فأراد أن يبني في عرصته تلك وقال الذين حوله لا يبني فيها فإنك تضر بزرعنا قال: لا يُمنع أن يبني ما شاء إذا كان له مخرج إلى الطريق في أرضه.
وقال فيمن أراد أن يبني بيتاً أو مسجداً في قرية أو مدينة فمنعه جيرانه وقالوا يضر ذلك بنا وعسى أن يكون ذلك عند موردهم قال: لا يُمنع أن يبني في أرضه ما أحب. قال ابن سحنون وسأل حبيب صاحب المظالم سحنوناً عن دارين بينهما زقاق مسلوك وفي أحدهما كوة يُرى منها ما في الدار الأخرى فبنى الذي ليس في داره كوة غرفة قبالة الكوة وفتح كوة قبالة الكوة يرى منها ما في غرفة الأول إذا فُتٍحَت فطلب الأول سد الحديثة فقال له الآخر وسُدّ أنت القديمة فإني إنما سكتُّ عنها خمس سنين أو أربعاً (١) على حسن الجوار وقد نظر ذلك من أمرتُه فقال يرى من كل كوة ما في غرفة الآخر قال: يحلف صاحب الكوة الحديثة أنه ما ترك القديمة في هذه المدة إلا على حسن الجوار غير تارك/ لحقه ثم يس بعضُهما على بعض إن شاء.
ومن كتاب البنيان مما حدثنا به أبو بكر بن محمد عن يحيى عون عن عون ابن يوسف عن عبد الله بن عبد الحكم عن ابن القاسم قال: ومن بنى داراً يفتح فيها كوىً فمنعه جيرانه فإن كانت من كُوى الضوء لا يتشرف منها ولا يتطلع لاصقه بالسقوف أو تقاربها فليس لهم منعك وأما ما يتشرف منها عليهم ويتطلع فإنك تمنع من ذلك.