قال ابن وهب عن مالك: وليس له أن يفتح كوة في جداره أو سطحه يتطلع منها على جاره ولا يكلف الأسفل أن يطيل بنيانه حتى لا يراه الآخر إلا أن يكون صاحب الكوة أراد منها الروح ولا يطلع منها على جاره، قال يعني ابن القاسم: وإذا فتحت عليه كوة فلم يكن له منعك فطلب أن يبني في حقه ما يسدها به فذلك له كما لا يمنع أحدهما الآخر أن يرفع بناءه حيث شاء وإن ستر به الريح والشمس وإن سد الضوء.
ومن كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون: ومن له غرفة يطل منها ومن كواها على جاره قال: إن بُنيت الغرفة واتخذت كواها قبل أن تُبنى الدارُ التي تطل عليها لم يُمنع رب الغرفة فيما جاز منفعته وسبق إليه وقيل للآخر استُر على نفسك، وإن كانت الغرفة أو الكوى هي المحدثة مُنع صاحبُها وأُمر أن يستر باب غرفته وكواها أو يجعل أمام ذلك ما يستره حتى يواريها، ولو كان يوم بنى هذه الغرفة واتخذ الكوى دار الآخر قائمة فقام عليه، قال وهذا يضر بي إذا بنيت فلا حاجة له بذلك قبل أن يبني ولا يعود إلى ذلك بعد أن يبني وهو/ منفعة سبق إليها الآخر وحازها فلا يُمنع.
وقال مطرف: له أن يمنعه قبل أن يبني وبعد أن يبني لأنه حق يذب عنه مما يضر به إذا بنى ولو ترك أن يمنعه قبل أن يبني كان له أن يمنعه إذا بنى ولا يكون تركه قبل أن يبني عليه حجة إلا أن يكون صاحب الغرفة اشتراها على ذلك فليس لهذا منعه وإنما له منعه عند الإحداث لها أو برفقة يفتحها على أنه متى شاء منعه فيجوز ذلك بينهما.
وقال أصبغ وابن حبيب مثل قول مطرف وابن الماجشون فيمن باع داره وقد أحدث عليه جاره كوة أو مجرى ماء أو غيره من وجوه الضرر والذي كان له فيه القيام فلم يقم عليه حتى باعها فليس للمشتري أن يقوم في ذلك ولو كان البائع قد قام في ذلك وخاصم فلم يتم له الحكم حتى باع فللمشتري أن يقوم ويحلَّ محله، وقاله أصبغ.