قال محمد: هذا أحب إلي، وقد قال ابن القاسم فيمن سرق فلم يقطع حتى زنى فرجم بعد أن أيسر وقد كان عديماً يوم السرقة، إنه لا يتبع، لأنه كمن قطعت يده لدخول القطع في القتل.
قال مالك: ومن أقر بالسرقة من غير محنة ثم رجع فإنه يقال ولا يقطع ويلزمه الغرم ويتبع به في عدمه، وهذا أحسن لأنه رجع عن عقوبة تدفع الغرم، وهو من حقوق الناس لا يقبل فيه رجوعه. ولو ثبت على إقراره لم يتبع في عدمه ويقطع.
قال: ومن سرق سرقات متقاربة من غير واحد فقام له أحدهم فقطع وليس له إلا قدر قيمة سرقة القائم، ثم قام الباقون، فقال ابن القاسم: يدخلون كلهم في تلك القيمة بالحصص إن علم أن ذلك لم يزل في ملكه منذ سرق أول سرقة. وقال أشهب: لو كانوا اجتمعوا لكانوا فيه إسوة. قال محمد: بل ما وجد عنده لجميعهم، والكلمفلس فلمن لم يحضر الرجوع عليهم.
وقال أشهب: لو كانت سرقة واحدة لاثنين، فقام بها أحدهما فقطع وأغرمه نصف قيمتها، ثم قام شريكه فله الدخول معه فيما أخذ. ثم إن كان السارق مليا رجعا عليه بالنصف الثاني (١) كالحق بين رجلين. وكذلك لو كان بين الثلاثة فأغرمه أحدهم الثلث وقطع، ثم قام الباقيان أدخلا معه فيما أخذ. وإذا أخذ فقطع وقد استهلك السلعة وبيده مال ادعى أنه أفاده بعد السرقة فهو مصدق، إلا أن تقوم بينة بخلاف قوله أو يوخذ بقرب ما سرق بما لا يكون فيه كسب ولا ميراث، فلا يصدق إلا ببينة.
ومن كتاب الغضب لمحمد: أن الغرماء أولى من المسروق بما في يده، إلا أن يفضل عنهم قدر قيمة السرقة فيكون ذلك لربها.