للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَلْقَاهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَجَعَلْتُهُ فِي كِنَانَتِي، ثُمَّ رَجَعْتُ فَلَمْ أَذْكُرْ شَيْئًا مِمَّا كَانَ، حَتَّى إِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ مَكَّةَ، وَفَرَغَ مِنْ حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ، خَرَجْتُ وَمَعِي الْكِتَابُ لأَلْقَاهُ، فَلَقِيتُهُ بِالْجِعِرَّانَةِ، فَدَخَلْتُ فِي كَتِيبَةٍ مِنْ خَيْلِ الأَنْصَارِ، فَجَعَلُوا يَقْرَعُونَنِي بِالرِّمَاحِ ويَقُولُونَ: إِلَيْكَ إِلَيْكَ، مَاذَا تُرِيدُ؟ حَتَّى دَنَوْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سَاقِهِ، فِي غَرْزَةٍ كَأَنَّهُ جُمَّارَةٌ، فَرَفَعْتُ يَدِي بِالْكِتَابِ، ثُمَّ قُلْتُ:

يَا رَسُول اللَّهِ هَذَا كِتَابُكَ لِي، وَأَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ: «هَذَا يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ، ادْنُهُ»، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ وذكر حديث سؤاله عن ضالة الإبل.

روى ابن عيينة، عن أَبِي موسى، عن الحسن، أن رَسُول اللَّهِ قال لسراقة بْن مالك: «كيف بك إذا لبست سواري كسرى ومنطقته وتاجه؟» قال: فلما أتى عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه، دعا سراقة بْن مالك وألبسه إياهما.

وكان سراقة رجلًا أزب كثير شعر الساعدين، وقال له: ارفع يديك، وقل: اللَّه أكبر، الحمد لله الذي سلبهما كسرى بْن هرمز، الذي كان يقول: أنا رب الناس، وألبسهما سراقة رجلًا أعرابيًا، من بني مدلج، ورفع عمر صوته.

وكان سراقة شاعرًا، وهو القائل لأبي جهل:

أبا حكم والله لو كنت شاهدًا … لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه

علمت ولم تشكك بأن محمدًا … رسول ببرهان فمن ذا يقاومه

عليك بكف القوم عنه فإنني … أرى أمره يومًا ستبدو معالمه

بأمر يود الناس فيه بأسرهم … بأن جميع الناس طرًا يسالمه

مات سراقة بْن مالك سنة أربع وعشرين، أول خلافة عثمان، ، وقيل: إنه مات بعد عثمان، والله أعلم.

أخرجه الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>