قيل: كَانَ من المهاجرين، وقيل: كَانَ من مسلمة الفتح، يكنى أبا الحارث، وأبوه الحارث يعرف بالرهين، ومن ولده مُحَمَّد بن المرتفع بن النضير، وَكَانَ النضير يكثر الشكر لله تعالى عَلَى ما من عَلَيْهِ من الإسلام، ولم يمت على ما مات عَلَيْهِ أخوه النضر وآباؤه، وأمر لَهُ رسول الله ﷺ يوم حنين بمائة من الإبل، فأتاه رجل من الديل يبشره بذلك، وقال: أخذني منها، فقال لَهُ النضير: ما أريد أخذها، لأني أحسب أن رسول الله ﷺ لَمْ يعطني ذَلِكَ إلا تألفا عَلَى الإسلام، وما أريد أن أرتشي عَلَى الإسلام، ثُمَّ قَالَ: والله ما طلبتها ولا سألتها، وهي عطية من رسول الله ﷺ فأخذها، وأعطى الديلي منها عشرة، ثُمَّ خرج إلى رسول الله ﷺ فجلس معه فِي مجلسه، وسأله عن فروض الصلاة ومواقيتها، قَالَ: فوالله لقد كَانَ أحب إلي من نفسي، وقال لَهُ: يا رسول الله، أي الأعمال أحب إلى الله؟ قَالَ:«الجهاد والنفقة فِي سبيل الله».
وهاجر النضير إلى المدينة، ولم يزل بِهَا حَتَّى خرج إلى الشام غازيا، وشهد اليرموك وقتل بِهَا شهيدا، وَذَلِكَ فِي رجب سنة خمس عشرة.
وَكَانَ يعد من حلماء قريش.
أخرجه أَبُو عمر، وَأَبُو موسى.
قلت: لَمْ يخرجه ابن منده، وأبو نعيم، وهو الصحابي حقا، وأخرجاه أخا النضر، بفتح النون، وقد تقدم ذكره والكلام عَلَيْهِ، وهو غلط، لأنه أسر يوم بدر، وقتل كافرا وقد ذكرناه، وأما هَذَا النضير، بضم النون، وفتح الضَّاد المعجمة، وبعدها ياء تحتها نقطتان، فإنه أسلم وحسن إسلامه، وذكره أَبُو عمر، فقال: كَانَ من المهاجرين، وقيل: كَانَ من مسلمة الفتح، والأول أكثر وأصح.
وهذا القول قد نقضه هُوَ عَلَى نفسه فِي سياق خبره، فإنه قَالَ: أعطاه النَّبِيّ ﷺ مائة من الإبل، والنبي ﷺ لَمْ يفعل ذَلِكَ إلا مع مسلمة الفتح، ومن تألفه عَلَى الإسلام، ثُمَّ قَالَ: إنه حضر عند رسول الله ﷺ يوم حنين، وسأله عن أوقات الصلاة وفرضها، فمن هُوَ من المهاجرين كيف يسأل يوم حنين عن الصلوات والهجرة؟! إنما كانت قبل الفتح، وأما بعده فلا، والصحيح أَنَّهُ من مسلمة الفتح، والله أعلم.
[٥٢٣٠ - النضير بن النضر]
س: النضير أيضا ابن النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة، وهو ابن أخي الَّذِي قبله، وأبوه هُوَ الَّذِي قتل يوم بدر.