قلت: قَدْ اتفق أَبُو نعيم، وَأَبُو عُمَر عَلَى أن أبا نافع غير أَبِي عَبْد الرَّحْمَن، إلا أن أبا عُمَر جعل كيسان أبا عَبْد الرَّحْمَن غير كيسان بْن عَبْد اللَّه بْن طارق، وجعل كيسان بْن عَبْد اللَّه بْن طارق هُوَ أَبُو نافع، وهو مولى خَالِد بْن أسيد، وجعل أَبُو نعيم وابن منده كيسان بْن عَبْد اللَّه هُوَ والد عَبْد الرَّحْمَن، ولم ينسب أَبُو نعيم كيسان أبا نافع، والله أعلم.
وقَالَ أَبُو الْقَاسِم بْن عساكر الدمشقي، وَقَدْ ذكر هَذَا كيسان أبا نافع، وروى لَهُ حديث تحريم الخمر، وقَالَ: ولكيسان هَذَا حديث آخر في نزول عِيسَى ابْن مريم ﵇، قَالَ: وَقَدْ أخطأ ابْن منده فِي كتابه خطأ فاحشًا، فقال كيسان بْن عَبْد اللَّه بْن طارق، وقيل: ابْن بشر عداده في أهل الحجاز، روى عَنْهُ ابناه عَبْد الرَّحْمَن، ونافع، وساق فِي الترجمة هَذَا الحديث، وحديث عَبْد الرَّحْمَن، عَنْ أَبِيهِ، رَأَيْت النَّبِيّ ﷺ صلى فِي ثوب واحد، قَالَ: وهما اثنان، أحدهما مدني، والآخر دمشقي، وَقَدْ فرق بَيْنَهُما الْبُخَارِيّ فِي تاريخه، وابن أَبِي حاتم فِي كتابه، والبغوي فِي معجمة، إلا أن ابْن أَبِي حاتم قَالَ فِي نسب أَبِي نافع: كيسان بْن عَبْد اللَّه.
وحكى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ لهيعة، وما قالوه أولى بالصواب، وجعل ابْن أَبِي عاصم كيسان أبا نافع، هُوَ الَّذِي يروي تحريم الخمر، ونزول عِيسَى ابْن مريم، والله أعلم.
روى عَمْرو بْن أَبِي عقرب، عَنْ عتاب بْن أسيد، أَنَّهُ قَالَ: ما أصبت مما ولاني رَسُول اللَّه ﷺ إلا ثوبين معقدين، كسوتهما مولاي كيسان.
أَخْرَجَهُ ابْن منده، وَأَبُو نعيم، وقَالَ أَبُو نعيم: ليس فِي هَذَا دليل عَلَى أَنَّهُ من الصحابة، لأن كثيرًا من الصحابة لهم موال، وليس كلهم أدرك النَّبِيّ ﷺ والله تَعَالى أعلم.