للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انْتَهَيْتُ إِلَى ثَنِيَّةِ الْبَيْضَاءِ إِذَا بِهَا نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَجَسَّسُونَ الأَخْبَارَ، فَلَمَّا رَأَوْنِي قَالُوا: هَذَا الْحَجَّاجُ وَعِنْدَهُ الْخَبَرُ، قُلْتُ: هُزِمَ الرَّجُلُ أَقْبَحَ هَزِيمَةٍ سَمِعْتُمْ بِهَا، وَقُتِلَ أَصْحَابُهُ، وَأُخِذَ مُحَمَّدٌ أَسِيرًا، فَقَالُوا: لا نَقْتُلُهُ حَتَّى نَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ، فَيُقْتَلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.

ثُمَّ جِئْنَا مَكَّةَ، فَصَاحُوا بِمَكَّةَ، وَقَالُوا: هَذَا الْحَجَّاجُ قَدْ جَاءَكُمْ بِالْخَبَرِ أَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ أُسِرَ، وَإِنَّمَا تَنْتَظِرُونَ أَنْ تَؤْتُوا بِهِ، فَيُقْتَلْ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، فَقُلْتُ: أَعِينُونِي عَلَى جَمْعِ مَالِي، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَلْحَقَ بِخَيْبَرَ، فَأَشْتَرِي مِمَّا أُصِيبَ مِنْ مُحَمَّدٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتَيِهُمُ التُّجَّارُ، فَجَمَعُوا مَالِي أَحَثَّ جَمْعٍ، وَقُلْتُ لِصَاحِبَتِي: مَالِي مَالِي، لَعَلِّي أَلْحَقُ، فَأُصِيبُ مِنْ فُرَصِ الْبَيْعِ، فَدَفَعَتْ إِلَيَّ مَالِي.

فَلَمَّا اسْتَفَاضَ ذَكَرَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ أَتَانِي الْعَبَّاسُ، وَأَنَا قَائِمٌ فِي خَيْمَةِ تَاجِرٍ، فَقَامَ إِلَى جَانِبِي مُنْكَسِرًا مَهْمُومًا، فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، مَا هَذَا الْخَبَرُ؟ فَقُلْتُ: اسْتَأْخِرْ عَنِّي حَتَّى تَلْقَانِي خَالِيْاً ففَعَلَ، ثُمَّ قَصَدَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا حَجَّاجُ، مَا عِنْدَكَ مِنَ الْخَبَرِ؟ فَقُلْتُ: الَّذِي وَاللَّهِ يَسُرُّكَ، تَرَكْتُ وَاللَّهِ ابْنَ أَخِيكَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ، وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْ أَهْلِهَا، وَصَارَتْ أَمْوَالُهَا لَهُ وَلأَصْحَابِهِ، وَتَرَكْتُهُ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهِمْ، وَلَقَدْ أَسْلَمَتْ، وَمَا جِئْتُ إِلا لِآَخُذَ مَالِي، ثُمَّ أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّه فَاكْتِمْ عَلَى الْخَبَرِ ثَلاثًا، فَإِنِّي أَخْشَى الطَّلَبَ، وَانْطَلَقْتُ.

فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ لَبِسَ الْعَبَّاسُ حِلَّةً، وَتَخَلَّقَ، ثُمَّ أَخَذَ عَصَاهُ، وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْفَضْلِ، هَذَا وَاللَّهِ التَّجَلُّدُ عَلَى حَرِّ الْمُصِيبَةِ، فَقَالَ: كَلا، وَالَّذِي حَلَفْتُمْ بِهِ، وَلَكِنَّهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، وَصَارَتْ لَهُ وَلأَصْحَابِهِ، وَتُرِكَ عَرُوسًا عَلَى ابْنَةِ مَلِكِهَا، قَالُوا: مَنْ أَنْبَأَكَ بِهَذَا الْخَبَرِ؟ قَالَ: الْحَجَّاجُ بْنُ عِلاطٍ، وَلَقَدْ أَسْلَمَ، وَتَابَعَ مُحَمَّدًا عَلَى دِينِهِ، وَمَا جَاءَ إِلا لِيَأْخُذَ مَالَهُ، ثُمَّ يَلْحَقَ بِهِ، فَقَالُوا: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ، خَدَعَنَا عَدُوُّ اللَّهِ، فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ جَاءَهُمُ الْخَبَرُ.

أَخْرَجَهُ الثَّلاثَةُ

[١٠٨٤ - حجاج بن عمرو]

ب د ع: حجاج بْن عمرو بْن غزية بْن ثعلبة بْن خنساء بْن مبذول بْن عمرو بْن غنم بْن مازن بْن النجار الأنصاري الخزرجي ثم من بني مازن بْن النجار

<<  <  ج: ص:  >  >>