للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَيْنَيَّ مِثْلُ الْمِصْبَاحِ، قَال: فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ، فِي غَيْرِ وَجْهِي، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةً لِفِرَاقِي دِينَهِمْ، فَتَحَوَّلَتْ فِي رَأْسِ سَوْطِي، فَجَعَلَ الْحَاضِرُ يَتَرَاءُونَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي، كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ، وَأَنَا أَهْبِطُ إِلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلْتُ أَتَانِي أَبِي وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَقُلْتُ: إِلَيْكَ عَنِّي أَبَهْ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي.

قَالَ: وَلِمَ، أَيْ بُنَيَّ؟ قُلْتُ: إِنِّي أَسْلَمْتُ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، فَدِينِي دِينُكَ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي، فَقُلْتُ لَهَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَسْلَمْتُ، وَقَالَتْ: أَيَخَافُ عَلَيَّ مِنْ ذِي الشَّرَى؟ صَنَمٍ لَهُمْ، فَقُلْتُ: لا، أَنَا ضَامِنٌ لِذَلِكَ.

ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا فَأَبْطَئُوا عن الإِسْلامِ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ بِمَكَّةَ، فَقُلْتُ: يا رَسُول اللَّهِ، إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَلَى دَوْسٍ الزِّنَا، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ».

قَالَ: فَرَجَعْتُ، فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ قَوْمِي دَوْسٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ حَتَّى هَاجَرَ النَّبِيُّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَضَى بَدْرًا، وَأُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُول اللَّهِ بِمَنْ أَسْلَمَ مَعِي مِنْ قَوْمِي، وَرَسُول اللَّهِ بِخَيْبَرَ، حَتَّى نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ بِثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ، ثُمَّ لَحِقْنَا بِرَسُول اللَّهِ بِخَيْبَرَ، فَأَسْهَمَ لَنَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ.

ثُمَّ لَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُول اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ، ﷿ عَلَيْهِ مَكَّةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، ابْعَثْنِي إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ، صَنَمِ عَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ، حَتَّى أُحَرِّقَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ طُفَيْلٌ يَقُولُ وَهُوَ يُحَرِّقُهُ، وَكَانَ مِنْ خَشَبٍ:

يَا ذَا الْكَفَّيْنِ لَسْتُ مِنْ عِبَادِكَا

مِيلادُنَا أَقْدَمُ مِنْ مِيلادِكَا

إِنِّي حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَا

ثُمَّ رَجَعَ طُفَيْلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ فَكَانَ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ، حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين مجاهدًا أهل الردة حتى فرغوا من نجد، وسار مع المسلمين إِلَى اليمامة، فقال لأصحابه: إني رأيت رؤيا فاعبروها، إني رأيت رأسي حلق، وأنه خرج من فمي طائر، وأنه لقيتني امرأة فأدخلتني في فرجها، وأرى ابني عمرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>