وما بعده، فإنه كان قد قتل قبله، وهو أحد الأمراء في غزوة مؤتة، وهو خال النعمان بْن بشير.
روى حماد بْن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بْن أَبِي ليلى، أن عَبْد اللَّهِ بْن رواحة أتى النَّبِيّ ﷺ وهو يخطب، فسمعه يقول: «اجلسوا»، فجلس مكانه خارجًا من المسجد حتى فرغ النَّبِيّ ﷺ من خطبته، فبلغ ذلك النَّبِيّ ﷺ فقال له: «زادك اللَّه حرصًا عَلَى طواعية اللَّه وطواعية رسوله».
وكان عَبْد اللَّهِ أول خارج إِلَى الغزو، وآخر قافل، وكان من الشعراء الذين يناضلون عن رَسُول اللَّهِ ﷺ، ومن شعره في النَّبِيّ ﷺ:
إني تفرست فيك الخير أعرفه … والله يعلم أن ما خانني البصر
أنت النَّبِيّ ومن يحرم شفاعته … يوم الحساب فقد أزرى به القدر
فثبت اللَّه ما آتاك من حسن … تثبيت موسى ونصرًا كالذي نصروا
فقال النَّبِيّ ﷺ: «وأنت، فثبتك اللَّه يا ابن رواحة»، قال هشام بْن عروة: فثبته اللَّه أحسن الثبات، فقتل شهيدًا، وفتحت له أبواب الجنة، فدخلها شهيدًا.
وقال أَبُو الدرداء: أعوذ بالله أن يأتي علي يَوْم، لا أذكر فيه عَبْد اللَّهِ بْن رواحة، كان إذا لقيني مقبلًا ضرب بين ثديي، وَإِذا لقيني مدبرًا ضرب بين كتفي ثم يقول: يا عويمر، اجلس فلنؤمن ساعة، فنجلس، فنذكر اللَّه ما شاء، ثم يقول: يا عويمر، هذه مجالس الإيمان.
أخبرنا عبيد اللَّه بْن أحمد بْن عَلِيٍّ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى يونس بْن بكير، عن ابن إِسْحَاق، حدثني عَبْد اللَّهِ بْن أَبِي بكر بْن حزم، قال: سار عَبْد اللَّهِ بْن رواحة، يعني إِلَى مؤتة، وكان زيد بْن أرقم يتيمًا في حجره، فحمله في حقيبة رحله، وخرج به غازيًا إِلَى مؤتة، فسمع زيد من الليل وهو يتمثل أبياته التي قال:
إذا أدنيتني وحملت رحلي … مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخلاك ذم … ولا أرجع إِلَى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني … بأرض الشام مشهور الثواء
وردك كل ذي نسب قريب … إلى الرحمن منقطع الإخاء