وروى ابْنُ عَبَّاس أن النَّبِيّ ﷺ دخل عَلَى عثمان بْن مظعون حين مات، فانكب عَلَيْهِ ورفع رأسه، ثُمَّ حنى الثانية، ثُمَّ حنى الثالثة، ثُمَّ رفع رأسه، وله شهيق، وقَالَ:«اذهب عنك أبا السائب، خرجت منها ولم تلبس مِنْهَا بشيء».
وروى يُوسف بْن مهران، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: لما مات عثمان بْن مظعون، قَالَتْ امرأته: هنيئًا لَكَ الجنة! فنظر رَسُول اللَّه ﷺ نظر المغضب، وقَالَ:«وما يدريك؟»، فقالت: يا رَسُول اللَّه فارسك وصاحبك! فَقَالَ رَسُول اللَّه ﷺ«إني رَسُول اللَّه، وما أدري ما يفعل بي!».
واختلف النَّاس فِي المرأة التي قَالَ لها رَسُول اللَّه ﷺ هَذَا، فقيل: كانت أم السائب زوجته، وقيل: أم العلاء الأنصارية، وكان نزل عليها، وقيل: كانت أم خارجة بْن زَيْد، وقالت امرأته ترثيه:
يا عين جودي بدمع غير ممنون … عَلَى رزية عثمان بْن مظعون
عَلَى امرئ بات فِي رضوان خالقه … طوبى لَهُ من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع لَهُ سكنى وغرقده … وأشرقت أرضه من بعد تعيين
وأورث القلب حزنًا لا انقطاع لَهُ … حتَّى الممات فما ترقى لَهُ شوني