عَمَّارًا، وَكَانَ أَثْبَتَ الرَّجُلَيْنِ، فَقَتَلَهُ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ، فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِي السُّوقِ فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ، فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ لأَهْلِ السَّفِينَةِ: أَخْلِصُوا، فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا هَهُنَا، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ لَمْ يُنَجِّنِي فِي الْبَحْرِ إِلا الإِخْلاصُ مَا يُنَجِّينِي فِي الْبَرِّ غَيْرُهُ، اللَّهُمَّ لَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِهِ، فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيمًا، قَالَ: فَجَاءَ فَأَسْلَمَ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ، فَإِنَّهُ اخْتَفَى عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ النَّاس لِلْبَيْعَةِ، جَاءَ بِهِ حَتَّى وَقَّفَهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثًا، ثُمَّ بَايَعَهُ بَعْدَ الثَّلاثِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ، فَيَقُومُ إِلَى هَذَا حِينَ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ مُبَايَعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ»
وَقِيلَ: إِنَّ زَوْجَتَهُ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ عَمِّهِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، سَارَتْ إِلَيْهِ، وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِأَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَتْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَرَدَّتْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَكَانَ مِنْ صَالِحِي الْمُسْلِمِينَ، وَلَمَّا رَجَعَ قَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَاعْتَنَقَهُ، وَقَالَ: مَرْحَبًا بِالرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ، وَلَمَّا أَسْلَمَ كَانَ الْمُسْلِمُونَ، يَقُولُونَ: هَذَا ابْنُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبِي جَهْلٍ! فَسَاءَهُ ذَلِكَ، فَشَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لأَصْحَابِهِ: «لا تَسُبُّوا أَبَاهُ فَإِنَّ سَبَّ الْمَيِّتِ يُؤْذِي الْحَيَّ»، وَنَهَاهُمْ أَنْ يَقُولُوا: عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، فَمَا أَحْسَنَ هَذَا الْخُلُقَ، وَأَعْظَمَهُ، وَأَشْرَفَهُ.
وَلَمَّا أَسْلَمَ عِكْرِمَةُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا أَدَعُ مَالا أَنْفَقْتُ عَلَيْكَ إِلا أَنْفَقْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِثْلَهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى صَدَقَاتِ هَوَازِنَ عَامَ حَجٍّ.
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِإِسْنَادِهِمْ، عَنْ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute