للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جرم لأقبلن ولا أعود، فأطلقه ورجع إِلَى قومه، ثُمَّ عاد إِلَى المدينة، فسيره أَبُو بَكْر إِلَى الشأم، فشهد اليرموك، ثُمَّ سيره عُمَر إِلَى سعد بْن أَبِي وقاص بالعراق، وكتب إِلَى سعد أن يصدر عَنْ مشورته فِي الحرب، وشهد القادسية، وله فيها بلاءً حسن، وقتل يَوْم القادسية، وقيل: بل مات عطشًا يومئذ، وقيل: بل مات سنة إحدى وعشرين بعد أن شهد وقعة نهاوند مَعَ النعمان بْن مقرن، فمات بقرية من قرى نهاوند، يُقال لها: روذة، فَقَالَ بعض شعرائهم يرثيه:

لقد غادر الركبان يَوْم تحملوا … بروذة شخصًا لا جبانا ولا غمرا

فقل لزبيد، بل لمذحج كلها … رزنتم أبا ثور قريعكم عمرا

روى عَنْهُ شراحيل بْن القعقاع، أَنَّهُ قَالَ: علمنا رَسُول اللَّه التلبية: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لَكَ لبيك، إن الحمد والنعمة لَكَ والملك لا شريك لك»، فَقَالَ عَمْرو: لقد رأيتنا منذ قريب، ونحن إِذَا حججنا فِي الجاهلية نقول:

لبيك تعظيمًا إليك عذرًا … هذي زبيد قَدْ أتتك قسرا

تعدو بها مضمرات شزرا … يقطعن خبتًا وجبالًا وعرا

قَدْ تركوا الأوثان خلوا صفرا

قَالَ: فنحن والحمد لله نقول كما علمنا رَسُول اللَّه .

وروي عَنِ الشَّافعيّ ، قَالَ: وجه رَسُول اللَّه عليّ بْن أَبِي طَالِب ، وخالد بْن سَعِيد بْن العاص إِلَى اليمن، وقَالَ: «إِذَا اجتمعتما فعلي الأمير، وَإِذا افترقتما فكل واحد منكما أمير».

فاجتمعا، وبلغ عَمْرو بْن مُعَد يكرب مكانهما، فأقبل فِي جماعة من قومه، فلما دنا منهم، قَالَ: دعوني حتَّى آتي هَؤُلَاءِ القوم، فأني لم أسم لأحد قط إلا هابني، فلما دنا منهما نادى: أَنَا أَبُو ثور، أَنَا عَمْرو بْن معد يكرب، فابتدره عليّ وخالد، وكل واحد منهما يَقُولُ لصاحبه: خلني وَإِياه ويفديه بأبيه وأمه، فَقَالَ عَمْرو إِذ سَمِعَ قولهما: العرب تفزع مني وأراني لهؤلاء جزرًا، فانصرف عَنْهُمَا.

وكان شاعرًا محسنًا، ومن جيد شعره قولُه:

أمن ريحانة الداعي السميع … يؤرقني وأصحابي هجوع

إِذَا لم تستطع شيئًا فدعه … وجاوزه إِلَى ما تستطيع

<<  <  ج: ص:  >  >>