للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سقاك أَبُو بَكْر بكأس روية … وأنهلك المأمور منها وعلكا

فلما بلغت أبياته هَذِهِ رَسُول اللَّه أهدر دمه، وقَالَ: «من لقي كعبًا فليقتله»، فكتب بذلك يجير إِلَى أخيه، وقَالَ لَهُ: النجاء، وما أراك تفلت!، ثُمَّ كتب إِلَيْه أن رَسُول اللَّه لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا رَسُول اللَّه، إلا قبل مِنْهُ، وأسقط ما كَانَ قبل ذَلِكَ، فإذا أتاك كتابي هَذَا، فأقبل وأسلم: فأقبل كعب، وقَالَ قصيدته التي مدح فيها رَسُول اللَّه وأقبل حتَّى أناخ راحلته بباب المسجد، مسجد رَسُول اللَّه ثُمَّ دخل المسجد، ورسول اللَّه بين أصحابه، مكان المائدة من القوم، حلقة دون حلقة، يقبل إِلَى هَؤُلَاءِ مرة فيحدثهم، وَإِلى هَؤُلَاءِ مرة فيحدثهم، قَالَ كعب: دخلت وعرفت رَسُول اللَّه بالصفة، فتخطيت حتَّى جلست إِلَيْه، فأسلمت وقلت: الأمان يا رَسُول اللَّه! قَالَ: «ومن أنت»؟ قلت: كعب بْن زُهَيْر، قَالَ: «أنت الَّذِي تَقُولُ؟» والتفت إِلَى أَبِي بَكْر، وقَالَ: «كيف يا أبا بَكْر»؟ فأنشده أَبُو بَكْر الأبيات، فلما قَالَ:

وأنهلك المأمور منها وعلكا

المأمور: بالراء، قَالَ قلت: يا رَسُول اللَّه، ما هكذا قلت! قَالَ: «كيف قلت»؟ قَالَ قلت:

وأنهلك المأمون منها وعلكا

المأمون: بالنون، قَالَ: «مأمون والله» وأنشده القصيدة:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول … متيم إثرها لم يفد مكبول

إن الرَّسُول لسيف يستضاء بِهِ … مهند من سيوف اللَّه مسلول

أنبئت أن رَسُول اللَّه أوعدني … والعفو عند رَسُول اللَّه مأمول

فأشار رَسُول اللَّه إِلَى من معه: أن اسمعوا، حتَّى أنشده القصيدة.

وكان قدومه عَلَى رَسُول اللَّه بعد انصرافه من الطائف، ومن جيد شعره قولُه:

لو كنت أعجب من شيء لأعجبني … سعى الفتى وهو مخبوء لَهُ القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها … والنفس واحدة والهم منتشر

<<  <  ج: ص:  >  >>