وفي ابْن الجعفري بحلفتيه … عَلَى العلات والمال القليل
بنحر الكوم إِذَا سحبت عَلَيْه … ذيول صبًا تجاوب بالأصيل
فلما أتاه الشعر قَالَ لابنته: أجيبيه، فقد رأيتني وما أعيا بجواب شاعر، فقالت:
إِذَا هبت رياح أَبِي عقيل … دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد عبشميًا … أعان عَلَى مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبًا … عليها من بني حام قعودًا
أبا وهب جزاك اللَّه خيرًا … نحرناها وأطعمنا الثريدا
فعد إن الكريم لَهُ معاد … وظني يابْن أروى أن تعودا
ثُمَّ عرضت الشعر عَلَى أبيها، فَقَالَ: قَدْ أحسنت، لولا إنك استزدتيه! فقالت: والله ما استزدته، إلا أَنَّهُ ملك، ولو كَانَ سوقة لم أفعل.
وكان لبين بْن رَبِيعة، وعلقمة بْن علاثة العامريان من المؤلفة قلوبهم، وحسن إسلامهما.
ومما يستجاد من شعره قولُه من قصيدة يرثي أخاه أربد:
أعاذل ما يدريك إلا تظنيًا … إِذَا رحل السفار: من هُوَ راجع
أتجزع مما أحدث الدهر للفتى … وأي كريم لم تصبه القوارع
لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى … ولا زاجرات الطير ما اللَّه صانع
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه … يحور رمادًا بعد ما هُوَ ساطع
وما البر إلا مضمرات من التقى … وما المال إلا معمرات ودائع
وقَالَ عُمَر بْن الخطاب يومًا للبيد بْن رَبِيعة: أنشدني شيئًا من شعرك، فَقَالَ: ما كنت لأقول شعرًا بعد أن علمني اللَّه البقرة وآل عمران، فزاده عُمَر فِي عطائه خمسمائة، وكان ألفين، فلما كَانَ في زمن معاوية، قَالَ لَهُ معاوية: هذان الفودان، فما بال العلاوة؟ يعني بالفودين الألفين، وبالعلاوة الخمسمائة، وأراد أن يحطه إياها، فَقَالَ: أموت الآن وتبقى لَكَ العلاوة والفودان! فرق لَهُ وترك عطاءه عَلَى حاله، فمات بعد ذَلِكَ بيسير.