للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بثنية العقاب، بين مكة والمدينة، فالتمسا الدخول عَلَيْهِ، فكلمته أم سلمة فيهما، وقالت: يا رسول الله، ابن عمك، وابن عمتك وصهرك! فقال: «لا حاجة لي بهما، أما ابن عمي فهتك عرضي، وأما ابن عمتي وصهري فهو الَّذِي قَالَ بمكة ما قَالَ».

فلما خرج الخبر إليهما بذلك ومع أبي سفيان ابن لَهُ، فقال: والله ليأذنن لنا رسول الله أو لآخذن بيد ابني هَذَا، ثُمَّ لنذهبن فِي الأرض حَتَّى نموت عطشا وجوعا، فلما بلغ ذَلِكَ رسول الله رق لهما، فدخلا عَلَيْهِ، فأنشده أبو سفيان قَوْله فِي إسلامه، واعتذاره مما كَانَ مضى، فقال:

لعمرك إِنِّي يوم أحمل راية … لتغلب خيل اللات خيل مُحَمَّد

لكالمظلم الحيران أظلم ليله … فهذا أواني حين أهدى فاهتدي

هداني هاد غير نفسي ودلني … عَلَى الله من طردت كل مطرد

أصد وأنأى جاهدا عن مُحَمَّد … وأدعى، وإن لَمْ أنتسب من مُحَمَّد

وهي أطول من هَذَا.

وحضر مع رسول الله الفتح، وشهد معه حنينا فأبلى فيها بلاء حسنا وبهذا الإسناد، عن يونس، عن ابن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنِي عَاصِم بن عمر بن قتادة، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله الأنصاري، قَالَ: فخرج مالك بن عوف النصري بمن معه إلى حنين، فسبق رسول الله إليه، فأعدوا وتهيئوا فِي مضايق الوادي وأحنائه، وأقبل رسول الله وأصحابه وانحط بهم الوادي فِي عماية الصبح، فلما انحط الناس ثارت فِي وجوههم الخيل، فشدت عليهم، فانكفأ الناس منهزمين، وركبت الإبل بعضها بعضا، فلما رأى رسول الله أمر الناس، ومعه رهط من أهل بيته ورهط من المهاجرين، والعباس آخذ بحكمة البغلة البيضاء وقد شجرها، وثبت معه أهل بيته: عَليّ بن أبي طالب، وَأَبُو سفيان بن الحارث، والفضل بن العباس، وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وغيرهم، وثبت معه من المهاجرين: أبو بكر، وعمر، فثبتوا حَتَّى عاد الناس، ثُمَّ إن رسول الله أحب أبا سفيان، وشهد لَهُ بالجنة، وقال: «أرجو أن تكون خلفا من حَمْزَة» وهو معدود فِي فضلاء الصحابة، روي أَنَّهُ لِمَا حضرته الوفاة قَالَ: لا تبكوا عَليّ فإني لَمْ أتنطف بخطيئة منذ أسلمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>