قدمت على رسول الله ﷺ مع قوها فأسلمت معهم، فذكروا أن رسول الله ﷺ كان يستنشدها ويعجبه شعرها، فكانت تنشده يقول: هيه يا خناس. قالوا: وكانت تقول في أول أمرها البيتين والثلاثة، حتى قتل أخوها معاوية وهو شقيقها قتله هاشم وزيد المريان، وقتل صخر وهو أخوها لأبيها، وكان أحبهما إليها، وكان حليما جوادا محبوبا في العشيرة، طعنه أبو ثور الأسدي، فمرض منها قريبا من سنة، ثم مات. فلما مات أكثرت أخته من المراثي، فأجادت من قولها في صخر أخيها:
أعيني جودا ولا تجمدا … ألا تبكيان لصخر الندى؟
ألا تبكيان الجريء الجميل؟ … ألا تبكيان الفتى السيدا؟
طويل العماد عظيم الرماد … ساد عشيرته أمردا
ولها فيه:
أشم أبلج يأتم الهداة به … كأنه علم في رأسه نار
وإن صخرا لمولانا وسيدنا … وإن صخر إذا نشتوا لنحار
وأجمع أهل العلم بالشعر أنه لم تكن امرأة قلبها ولا بعدها أشعر منها.
وذكر الزبير بن بكار، عن محمد بن الحسين المخزومي، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي وجزة، عن أبيه، أن الخنساء شهدت القادسية ومعها أربعة بنين لها، فقالت لهم أول الليل: يا بني، إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم.
وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين.
واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله ﷿: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين.
وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على