فآليت لا تنفك عيني حزينة … عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
فلله عينا من رأى مثله فتى … أكر وأحمى في الهياج وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنة خاضها … إلى الموت حتى يترك الرمح أحمرا
فتزوجها زيد بن الخطاب، وقيل: لم يتزوجها، وقتل عنها يوم اليمامة شهيدا، فتزوجها عمر بن الخطاب سنة اثنتي عشرة، فأولم عليها، فدعا جمعا فيهم علي بن أبي طالب، فقال: يا أمير المؤمنين، دعني أكلم عاتكة.
قال: افعل فأخذ بجانبي الباب، وقال: يا عدية نفسها، أين قولك:
فآليت لا تنفك عيني حزينة … عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
فبكت، فقال عمر: ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن؟ كل النساء يفعلن هذا، فقال: قال الله تعالى: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ﴾.
فقتل عنها عمر فقالت ترثيه:
عين جودي بغبرة ونحيب … لا تملي على الإمام النحيب
قل لأهل الضراء والبؤس موتوا … قد سقته المنون كأس شعوب
ثم تزوجها الزبير بن العوام، فقتل عنها، فقالت ثريته:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة … يوم اللقاء وكان غير معرد
يا عمرو لو نبهته لوجدته … لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
كم غمرة قد خاضها لم يثنه … عنها طرادك يا ابن فقع القردد
ثكلتك أمك إن طفرت بمثله … فمن مضى فمن يروح ويغتدي
والله ربك إن قتلت لمسلما … حلت عليك عقوبة المتعمد
ثم خطبها علي بن أبي طالب، فقالت: يا أمير المؤمنين، أنت بقية الناس وسيد المسلمين، وإني أنفس بك عن الموت.
فلم يتزوجها، وكانت تحضر صلاة الجماعة في المسجد، فلما خطبها عمر شرطت عليه أن لا يمنعها عن المسجد ولا يضربها، فأجابها