وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض، وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة من أفقه الناس وأحسن الناس رأيا في العامة.
وقال عروة: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلا وعلو مجد، فإنها نزل فيها من القرآن ما يتلى إلى يوم القيامة.
ولولا خوف التطويل لذكرنا قصة الإفك بتمامها، وهي أشهر من أن تخفى.
أخبرنا مسمار بن عمر بن العويس وأبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز، وغيرهما، بإسنادهم، عن محمد بن إسماعيل، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، حدثنا ابن عون، عن القاسم بن محمد، «أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس، فقال: يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق، على رسول الله ﷺ وعلى أبي بكر» وروت عن النبي ﷺ كثيرا، روى عنها عمر ابن الخطاب وكثير من الصحابة، ومن التابعين ما لا يحصى.
روى يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن زيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، أن عمر بن الخطاب، قال: أدنوا الخيل وانتضلوا وانتعلوا، وإياكم وأخلاق الأعاجم، وأن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة تدخل الحمام إلا بمئزر إلا من سقم، فإن عائشة حدثتني أن رسول الله ﷺ قال وهو على فراشي:«أيما امرأة مؤمنة وضعت خمارها على غير بيتها، هتكت الحجاب بينها وبين ربها ﷿».
وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وأمرت أن تدفع بالبقيع ليلا، فدفنت وصلى عليها أبو هريرة ﵁، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله، وعروة، ابنا الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ولما توفي النبي ﷺ كان عمرها ثمان عشرة سنة.