العاص في سرية من المدينة، فقدم أبان، وأصحابه عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ بعد فتح خيبر، ورسول اللَّه ﷺ بها.
وقال ابن منده: تقدم إسلام أخيه عمرو، يعني: أخا أبان.
قال: وخرجا جميعًا إِلَى أرض الحبشة مهاجرين، وأبان بْن سَعِيد تأخر إسلامه، هذا كلام ابن منده، وهو متناقض، وهو وهم، فإن مهاجرة الحبشة هم السابقون إِلَى الإسلام، ولم يهاجر أبان إِلَى الحبشة، وكان أبان شديدًا عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ والمسلمين.
وكان سبب إسلامه أَنَّهُ خرج تاجرًا إِلَى الشام، فلقي راهبًا فسأله عن رَسُول اللَّهِ ﷺ وقال: إني رجل من قريش، وَإِن رجلًا منا خرج فينا يزعم أَنَّهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ أرسله مثل ما أرسل موسى، وعيسى، فقال: ما اسم صاحبكم؟ قال: مُحَمَّد، قال الراهب: إني أصفه لك، ذكر صفة النَّبِيّ ﷺ وسنه ونسبه، فقال أبان: هو كذلك، فقال الراهب: والله ليظهرن عَلَى العرب، ثم ليظهرن عَلَى الأرض، وقال لأبان: اقرأ عَلَى الرجل الصالح السلام، فلما عاد إِلَى مكة سأل عن النَّبِيّ ﷺ ولم يقل عنه وعن أصحابه كما كان يقول، وكان ذلك قبيل الحديبية.
ثم إن رَسُول اللَّهِ ﷺ سار إِلَى الحديبية، فلما عاد عنها تبعه أبان، فأسلم وحسن إسلامه.
وقيل: إنه هو الذي أجار عثمان لما أرسله النَّبِيّ ﷺ يَوْم الحديبية إِلَى مكة، وحمله عَلَى فرسه، وقال: أسلك من مكة حيث شئت آمنًا.
أخبرنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، أخبرنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عن مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عن الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قَبْلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِخَيْبَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لِيفٌ، فَقَالَ أَبَانٌ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: لا تَقْسِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ أَبَانٌ: وَأَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَالٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: اجْلِسْ يَا أَبَانُ، وَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ واستعمله رَسُول اللَّهِ ﷺ عَلَى البحرين لما عزل عنها العلاء بْن الحضرمي، فلم يزل عليها إِلَى أن توفي رَسُول اللَّهِ ﷺ فرجع إِلَى المدينة، فأراد أَبُو بكر أن يرده إليها، فقال: لا أعمل لأحد