قيل: إن الحسن بْن علي حج عدة حجات ماشيًا، وكان يقول: إني لأستحيي من ربي أن ألقاه، ولم أمش إِلَى بيته، وقاسم اللَّه
تعالى ماله ثلاث مرات، فكان يترك نعلًا ويأخذ نعلًا، وخرج من ماله كله مرتين.
وقال النَّبِيّ ﷺ:«حسن سبط من الأسباط»، وكان حليمًا كريمًا ورعًا، دعاه ورعه وفضله إِلَى أن ترك الملك والدنيا، رغبة فيما عند اللَّه تعالى، وكان يقول: ما أحببت أن ألي أمر أمة مُحَمَّد ﷺ عَلَى أن يهراق في ذلك محجمة دم، وكان من المبادرين إِلَى نصرة عثمان بْن عفان.
وولي الخلافة بعد قتل أبيه علي ﵄، وكان قتل علي لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين، وبايعه أكثر من أربعين ألفًا، كانوا قد بايعوا أباه عَلَى الموت، وكانوا أطوع للحسن، وأحب له، وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق، وما وراءه من خراسان، والحجاز، واليمن، وغير ذلك، ثم سار معاوية إليه من الشام، وسار هو إِلَى معاوية، فلما تقاربا علم أَنَّهُ لن تغلب إحدى الطائفتين حتى يقتل أكثر الأخرى، فأرسل إِلَى معاوية يبذل له تسليم الأمر إليه، عَلَى أن تكون له الخلافة بعده، وعلى أن لا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد، فأجابه معاوية إِلَى ما طلب، فظهرت المعجزة النبوية في قوله ﷺ:«إن ابني هذا سيد يصلح اللَّه به بين فئتين من المسلمين».
وأي شرف أعظم من شرف من سماه رَسُول اللَّهِ ﷺ سيدًا؟