للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل: اشتراه من سوق حباشة فوهبت خديجة للنبي بمكة قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين، وقيل: بل رآه رَسُول اللَّهِ بالبطحاء بمكة ينادي عليه ليباع، فأتى خديجة فذكره لها، فاشتراه من مالها، فوهبته لرسول اللَّه فأعتقه وتبناه.

وقال ابن عمر: ما كنا ندعو زيد بْن حارثة إلا زيد بْن مُحَمَّد، حتى أنزل اللَّه تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ وآخى رَسُول اللَّهِ بينه وبين حمزة بْن عبد المطلب ، وكان أَبُو شراحيل قد وجد لفقده وجدًا شديدًا، فقال فيه:

بكيت عَلَى زيد ولم أدر ما فعل … أحي يرجى أم أتى دونه الأجل

فوالله ما أدري وَإِن كنت سائلًا … أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل

فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة …

فحسبي من الدنيا رجوعك لي بحل

تذكرنيه الشمس عند طلوعها … وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل

وَإِن هبت الأرواح هيجن ذكره … فيا طول ما حزني عليه ويا وجل

سأعمل نص العيس في الأرض جاهدًا … ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل

حياتي أو تأتي علي منيتي … وكل امرئ فان وَإِن غره الأمل

سأوصي به قيسًا وعمرًا كليهما … وأوصي يزيدًا ثم من بعده جبل

يعني جبلة بْن حارثة، أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعني بقوله: يزيد.

أخا زيد لأمه، وهو يزيد بْن كعب بْن شراحيل، ثم إن ناسًا من كلب حجوا فرأوا زيدًا، فعرفهم وعرفوه، فقال لهم: أبلغوا عني أهلي هذه الأبيات، فإني أعلم أنهم جزعوا علي، فقال:

أحن إِلَى قومي وَإِن كنت نائيًا … فإني قعيد البيت عند المشاعر

فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم … ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر

فإني بحمد اللَّه في خير أسرة … كرام معد كابرًا بعد كابر

فانطلق الكلبيون، فأعلموا أباه ووصفوا له موضعه، وعند من هو، فخرج حارثة وأخوه كعب ابنا شراحيل لفدائه، فقدما مكة، فدخلا عَلَى النَّبِيّ فقالا: يا ابن عبد المطلب، يا ابن هاشم، يا ابن سيد قومه، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه.

فقال: من هو؟ قَالُوا: زيد بْن حارثة.

فقال رَسُول اللَّهِ : «فهلا غير ذلك».

قَالُوا: ما هو؟ قال: «ادعوه وخيروه، فإن اختاركم فهو لكم، وَإِن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار عَلَى من اختارني أحدًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>