للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حجة القائلين بأن الروح تنفخ بعد المائة والعشرين يوماً

ولكلام الملك وتصرفه أوقات: أحدها: حين يخلقها الله تعالى نطفة، ثم ينقلها علقة، وهو أول علم الملك بأنه ولد؛ لأنه ليس كل نطفة تصير ولداً، فمنها ما يكون سقطاً، وذلك عقب الأربعين الأولى، وحينئذ يكتب رزقه وأجله وعمله وشقاوته أو سعادته، ثم للملك فيه تصرف آخر، وفي وقت آخر، وهو تصويره وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظمه، وكونه ذكراً أم أنثى، وذلك إنما يكون في الأربعين الثالثة، وهي مدة المضغة، وقبل انقضاء هذه الأربعين، وقبل نفخ الروح فيه؛ لأن نفخ الروح لا يكون إلا بعد تمام صورته، هذا ما ترجح لدى الإمام النووي، وأن الروح لا تنفخ إلا بعد أربعة أشهر، أو يقل قليلاً أو يزيد قليلاً، ويعتمد في ذلك على قول الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً} [المؤمنون:١٢ - ١٤]، ثم يكون للملك فيه تصوير آخر، وهو وقت نفخ الروح عقب الأربعين الثالثة، حين يكمل له أربعة أشهر.

ثم يزعم الإمام النووي اتفاق أهل العلم على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، وفي الحقيقة نقل اتفاق أهل العلم على ذلك ليس سديداً، فهناك من العلماء من خالف ذلك.

ووقع في رواية البخاري: (إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين، ثم يكون علقة مثله، ثم يكون مضغة مثله، ثم يبعث إليه الملك فيؤذن بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه)، فاعتمد على قوله: (ثم ثم ثم) التي تفيد الترتيب والتراخي.