ولا يلزم أن الكبيرة تستلزم الحد، والدليل على ذلك أن عقوق الوالدين كبيرة باتفاق أهل العلم، ولم يخالف في ذلك أحد، ولا يجب على الحاكم أن يقيم عليه الحد، وليس هناك نص يأمر بهذا، بل قد ورد الوعيد والتهديد الشديد لمن عق والديه بالنار، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لما صعد درجات المنبر، فقال في كل مرة:(آمين آمين آمين، فقالوا: يا رسول الله! سمعناك تقول قولاً ما سمعناك تقوله من قبل، فقال: أتاني جبريل وقال: يا محمد! رغم أنف امرئ أدرك والديه أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة).
فقوله:(رغم أنف) للتهديد، وهذا دليل على الخسران والهوان والذل في الدنيا والآخرة.
وقال تعالى:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}[محمد:٢٢]، فأخبر سبحانه وتعالى في هذا الكلام أن قطيعة الرحم متعلقة بالفساد في الأرض أو هي من الفساد في الأرض، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد من الله عز وجل.
فالكبيرة لا تستلزم أن يكفر صاحبها كفراً أكبر، بل هذا مذهب الخوارج، كما أنه لا يلزم منها إقامة الحد.
وقوله عليه الصلاة والسلام:(كفر بالله عز وجل ادعاء نسب لا يعرف) هذا من الكفر العملي الذي لا يخرج به صاحبه من الملة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لبيان عظم وهول هذا الأمر.