[حديث:(إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة)]
قال: [عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تكلم الله بالوحي -إذاً: كلام الله تعالى وحي- سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا)] إذا تكلم الله تعالى بكلامه بالوحي سمع أهل السماء من الملائكة للسماء جرساً وأصواتاً عالية كجر السلسلة على الصفا وهو الحجر الأملس، أي: كما لو أتيت بسلسلة أو جنزير ووضعتها على حجر أملس ناعم لا يستقر عليه شيء، ولو أجريت السلسلة على هذا الحجر لا بد أنك تسمع صوتاً عالياً، فكذلك إذا تكلم الله تعالى بالوحي [(سمع الملائكة في السماء لهذا الوحي صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون)]، وهذا من شدة الوحي.
وأنتم تعلمون حديث عائشة رضي الله عنها:(أن الوحي كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في الليلة شديدة البرد، فما ينفصم عنه الوحي إلا وهو يقطر عرقاً) عليه الصلاة والسلام من شدة الوحي.
وكذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يتغير لونه تماماً إذا نزل عليه الوحي، فكان وجه يصفر أو يحمر، وذلك من شدته عليه عليه الصلاة والسلام، فكذلك يصعق الملائكة جميعاً [(حتى يأتيهم جبريل، فإذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم -أي: كشف عنهم الفزع- فيقولون: يا جبريل! ماذا قال ربك؟ -وفي هذا إثبات أن الرب يتكلم- قال: يقول الحق)] قول الله تعالى هو الحق، وقوله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
قال: [(فينادون: الحق الحق)].
أي: فيتنادون فيما بينهم: الحق الحق، أي: تكلم الله تعالى بالحق، تكلم الله تعالى بالحق.
ومصداق ذلك في قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[سبأ:٢٣].
وله شاهد من حديث أبي هريرة في صحيح البخاري: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير)، فوصفوا كلام الله تعالى بأنه قول الحق.