[أصناف المبتدعة في القرآن]
قال: [قال: حدثنا أبو طالب أحمد بن حميد قال لي أبو عبد الله: صاروا ثلاث فرق في القرآن]، أي: صار الناس المبتدعة في القرآن ثلاث فرق [قلت: نعم هم ثلاث: الجهمية والواقفة واللفظية].
الجهمية المصرحة بأن القرآن كلام الله مخلوق.
والواقفة الذين ما قالوا: مخلوق ولا غير مخلوق.
واللفظية الذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة.
[فأما الجهمية فهم يكشفون أمرهم، يقولون: مخلوق.
قال: كلهم جهمية] أي: المصرحة والواقفة واللفظية [هؤلاء يستترون، فإذا أحرجتهم كشفوا الجهمية] أي: أن الواقفة يستترون خلف التوقف، ويتمسكون بظاهر الأمر على ما كان عليه سلف الأمة [فإذا أحرجتهم كشفوا أمرهم فكلهم جهيمة، قال الله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:١٦٤]]، فهل يتصور أن هذا الكلام لم يعرفه الله تبارك وتعالى ولم يعلمه قبل ذلك حتى خلقه وكلم موسى؟ أو هل يتصور أن الله تعالى خلق كلاماً في الهواء أو في الشجر أو فوق الجبل فسمعه موسى؟ لا يتصور، بل المتصور هو العقيدة السليمة الصحيحة أن الله تعالى تكلم مع موسى، فسمع موسى صوت الله عز وجل، والله تعالى تكلم بحرف وصوت.
قال: [وقال الله عز وجل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة:٦]، فيسمع مخلوقاً وجبريل جاء إلى النبي بمخلوق!].
أي: هل جبريل عليه السلام لما جاء إلى النبي بالوحي أتاه بمخلوق أم بصفة من صفات الله؟ بصفة من صفات الله عز وجل.
قال: [قال أبو طالب: وسمعته، يعني أحمد يقول: من شك فقد كفر].
وفي رواية عنه قد ذكرناها: من قال: مخلوق فقد كفر.
إذاً: الكفر يلحق كل من توقف في القرآن الكريم أو صرح بأنه كلام الله مخلوق.
قال: [قال أبو طالب: وجاء رجل إلى أبي عبد الله وأنا عنده، فقال: إني لي قرابة يقول بالشك].
أي: لي أحد الأقارب يشك في أن القرآن كلام الله أو غير كلام الله.
قال: [فقال وهو شديد الغضب: من شك فهو كافر، وقال رجل: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، قال: فقال: هذا قولنا: من شك فهو كافر، فقال له الإمام أحمد بن حنبل: جزاك الله خيراً].
وكأنه يقره على هذه العقيدة.
قال: [سمعت أحمد بن حنبل يقول: اللفظية والواقفة زنادقة عتق].
أي: قديمين في الزندقة والإلحاد.
قال: [قال عباس الدوري: كان أحمد بن حنبل يقول: الواقفة واللفظية جهمية].
أي: الذين توقفوا فلم يقولوا مخلوق أو غير مخلوق، وكذلك الذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة.
قال: [حدثنا أبو بكر المروذي قال: سمعت الإمام أبا عبد الله يقول: من لم يقل: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، فهو يحل محل الجهمية].
قال: [المروذي أبو بكر: قال لي أبو عبد الله: أول من سألني عن الوقف علي الأشقر].
وفي الحقيقة المحقق يقول: لم أجد له ترجمة، ولو قرأ النص في المخطوط صحيحاً لعرف ترجمته، إذ إنه علي الأشتر بالتاء لا بالقاف، فتصحف للتاء عند قارئ المخطوط قافاً، فلا شك أنه لم يتوصل إلى ترجمة علي الأشتر، وعلي الأشتر من كبار المبتدعة ومن كبار الجهمية.
قال: [فقلت له: القرآن غير مخلوق].
قال: [قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: افترقت الجهمية على ثلاث فرق: الذين يقولون مخلوق، والذين شكوا، والذين قالوا: ألفاظنا بالقرآن مخلوقة].