قال:[فأما فرض المعرفة على القلب فما قاله الله عز وجل في سورة المائدة].
أي: دليل أن الله تعالى فرض على القلب وظيفة معينة متعلقة بالإيمان، قول الله تعالى: [{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}[المائدة:٤١]].
فإيمان القلب هو التصديق والإذعان، وكفر القلب عدم التصديق وعدم الإذعان، فالله عز وجل يسلي رسوله عن كلام هؤلاء المنافقين الذين شهدوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم: [((قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ))]، وهذا يدل على أن الإيمان طهارة في القلب، [{لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[المائدة:٤١]].
[وقال الله تعالى في سورة النحل:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}[النحل:١٠٦]]، فهذا يدل على أن القلب له علاقة وثيقة جداً بالإيمان، وهو أنه مقر ومذعن ومصدق بكلام الله عز وجل.
[وقال الله عز وجل:((إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ))]، والفؤاد: أصل القلب.
قال: [{كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:٣٦]، أي: عن الإيمان وعن العلم.
فالقلب يسأل عما فرض الله عز وجل عليه من الإيمان، آمنت؟ صدقت؟ أذعنت أم لا؟ قال:[فهذا بيان ما لزم القلوب من فرض الإيمان، لا يرده ولا يخالفه ولا يجحده إلا ضال مضل].