[ما ورد عن السلف في أن الإيمان ينقص]
قال: [وقال ابن مسعود: ما رأيت ناقص الدين والرأي أغلب للرجال ذوي الأمر على أمورهم من النساء]، أي: ترى الرجل حازماً وعاقلاً وشديد الصرعة، لكنه ينهزم أمام النساء، مع أن المرأة في أصلها ضعيفة لكنها بفتنتها في قولها وفعلها تفتن الرجل الحازم الرأي.
[قالوا: يا أبا عبد الرحمن! وما نقصان دينها؟ قال: تدع الصلاة في أيام حيضها، قالوا: فما نقصان رأيها، قال: لا تجوز شهادة امرأتين إلا بشهادة رجل].
[وقيل لـ سفيان بن عيينة: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: أليس تقرءون {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران:١٧٣]، {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف:١٣] في غير موضع من كتاب الله؟ قيل: فينقص؟ قال: ليس شيء يزيد إلا وهو ينقص].
والذي يدل على النقصان من السنة حديث أبي سعيد الخدري: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن)، والحديث مشهور ومعلوم.
والحجة الثانية حجة عقلية؛ لأنه ما من شيء يقبل الزيادة إلا وكان ناقصاً قبل ذلك.
فحينما تقول: إيمانك في زيادة، لا يدل على أنه كان زائداً، لكنه كان موجوداً فزاد، أو كان ناقصاً فزاد.
فزيادة الإيمان تدل على أنه كان ناقصاً، والشيء الذي يقبل الزيادة لا بد وأن يقبل النقصان.
[وقال سفيان الثوري: إن الإيمان يزيد وينقص، وأقول: إن الإيمان ما وقر في الصدر وصدقه العمل].
[وقال وكيع: الإيمان يزيد وينقص، وكذلك كان سفيان -أي: الثوري - يقول ذلك].
[وقال المروزي: سمعت أبا عبد الله وهو أحمد بن حنبل سئل عن الإيمان؟ فقال: قول وعمل يزيد وينقص، قال الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:٤٣]، قال: وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١].
ثم قال: هذا من الإيمان، وسمعته يقول: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، قال: الزيادة من العمل، وذكر النقصان إذا زنى وسرق]، أي: إذا عمل الطاعات زاد إيمانه، وإذا زنى وسرق وارتكب المعاصي والفواحش نقص إيمانه، وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) إلى آخر الحديث.
فالنقص هنا ليس من أصل الإيمان، وإنما هو من كمال الإيمان وتمامه، وهذا يدل على أن الإيمان ينقص بالمعاصي ويزداد بالطاعات.
[قال أبو عبد الله: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، وقال: إنما الزيادة والنقصان في العمل كيف تكون حاله إذا قتل النفس؛ أليس قد أوجب الله له النار؟ كيف حاله إذا ارتكب الموبقات؟] [وقال: هشام بن عروة عن أبيه: ما نقصت أمانة عبد قط إلا نقص إيمانه]؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا إيمان لمن لا أمانة له)، فلا نافية لكمال الإيمان وتمامه، رجل كانت عنده الأمانة خامدة لا ينفى عنه الإيمان بالكلية، إنما ينفى عنه زيادة الإيمان.