تحية المسجد قبل إقامة الفريضة واجبة أو مندوبة أو مستحبة؟
الجواب
النبي عليه الصلاة والسلام يقول:(إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين).
وجمهور العلماء على أن جمع النيات في النوافل جائز، فلو أنك دخلت المسجد، وقبل إقامة الصلاة ليس هناك وقت إلا لأداء ركعتين، فلا بأس أن تنوي بهما أنهما سنة الفجر القبلية -مثلاً- وتحية المسجد، وتحية المسجد هذه من السنن الراتبة، فمنهم من ذهب إلى الوجوب، ومنهم من ذهب إلى الاستحباب.
والذي ذهب إلى الوجوب قال بإثم تارك هاتين الركعتين مع القدرة، ومن ذهب إلى الاستحباب قال بالكراهة، أي: بكراهة ترك الركعتين.
والذي يترجح لدي أن صلاة تحية المسجد من السنن المؤكدة فيمكن الجمع بينها وبين بقية الرواتب أو السنن المندوبات، فأنت إذا دخلت المسجد وليس هناك بين دخولك وبين إقامة الصلاة للفريضة إلا وقتاً يسع صلاة ركعتين فاجمع النية في هاتين الركعتين، وإذا كان هناك وقت طويل فلا بأس أن تصلي تحية المسجد ثم تصلي السنة الراتبة.
وإن كنت أقول بأن صلاة ركعتين تجزئ في تحية المسجد حتى وإن كانت الفريضة، فلو أنك دخلت المسجد فوجدت الجماعة أقيمت فصليت ركعتين أو ثلاثاً أو أربعاً مع الإمام، فلست مطالباً بأداء ركعتين بعد الفراغ من الفريضة وهما تحية المسجد؛ لأن التحية سقطت بأداء الصلاة في المسجد أياً كانت هذه الصلاة.
ولذلك يذهب الظاهرية وبعض الحنابلة إلى أن وقوع العبادة في محلها تغني عن شقيقتها، فقوله عليه الصلاة والسلام:(من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) أي: السنة، قالوا: فمن فاته صيام في رمضان فقضى ما فاته من رمضان في شوال، وكان ما فاته من رمضان ستة أيام، أجزأه عن صيام النافلة، لأنه حقق الصيام في شوال، وربما يكون هذا الكلام بعيداً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر في أول الحديث من صام رمضان كله، ثم أتبعه من النوافل بست من شوال.
الذي أردت أن أستشهد به أن بعض العلماء قال: المهم أن تقع العبادة في محلها وتغني عن مثيلتها، فأنت إذا أردت أن تصلي تحية المسجد وضاق بك الوقت، فلا بأس أن تجمع بين هذا وذاك في ركعتين اثنتين.