قال المصنف رحمه الله: [عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه، كما تناتج الإبل من كل بهيمة جمعاء، هل تحس من جدعاء؟)].
ومعنى الحديث: أن البقرة تلد بقرة مثلها، والبعير يلد بعيراً مثله، فإذا ولدت الناقة ولداً فهل تشعر بأدنى فرق بين هذا المولود وبين أمه؟ لا، إنما هو بضعة منها قد اجتمعت أعضاؤه كلها، والناظر إلى ولد الناقة يقول: هذا ولد الناقة، والناظر إلى مولود الآدمي يقول: هذا آدمي، ولا يمكن أبداً أن تلد ناقة إنساناً، أو تلد امرأة ناقة.
ولذلك كل مولود ينتج مثيله وشكيله، (جمعاء) أي: قد جمع جميع الأعضاء، وقوله:(هل تحس من جدعاء؟) الجدع: قطع الأنف، أو قطع الأذن، أو قطع اليد، أي: قطع الأطراف عموماً، فإذا ولدت الناقة فولدها مثلها في الشبه والأعضاء.
قال: [(كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه، أو يشركانه)]، أي: يجعلانه مشركاً، كالبهيمة التي تلد بهيمة مثلها قد جمعت جميع الأعضاء، (هل تحس فيها من جدعاء؟) أي: هل فيها نقص؟ ليس فيها نقص، بل كلها مثل أمها.