[حديث أبي الدرداء (سئل عن الرجل يأتي المرأة في دبرها)]
[قال أبو الدرداء لما سئل عن الرجل يأتي المرأة في دبرها: لا يفعل ذلك إلا الكافر]، أي: الكافر كفراً عملياً وليس اعتقادياً.
وقد سألتني امرأة في هذا اليوم بعد صلاة العصر وقالت: زوجي يأتيني في دبري وأنا لم أوافقه إلى لحظتي هذه، فسألتها هل يريد أن يأتيها من دبرها في قبلها أو من دبرها في دبرها؟ فقالت: يأتيني من دبري في دبري، قلت: هذا حرام، قالت: يهددني بالطلاق، قلت: حتى وإن وقع الطلاق، فينبغي أن تتوكلي على الله عز وجل وألا تمكنيه من ذلك وإن وقع الطلاق، فإنك باختيارك طاعة الله عز وجل لا بد أن يبدلك الله خيراً منه، وهذا اعتقاد، وإذا لم تكوني على يقين من هذا فانتظري عقوبة أخرى، يعني: إذا لم يتعقد المرء أنه إذا ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه فلينتظر عقوبة أخرى، وهي عقوبة ترك التوكل على الله عز وجل، فعلى المرء أن يفعل ما أمره الله به وينتهي عما نهاه عنه، ثم يحسن الظن بربه.
وهذا هو منتهى الرجاء الذي كان عليه السلف رضي الله عنهم.
وهناك من تقول: أنا مضطرة لأن أبقى متبرجة؛ حتى يراني الشباب ويتقدموا لي، وبعدها سوف أتغير، وهي لا تعرف أنها ما دامت متبرجة فلن يتقدم لها إلا من كان على شاكلتها، ثم ربما إذا صارحته بنيتها هذه بعد العقد أو بعد الزواج قال: لا، أنا لن أتزوج واحدة تلبس خيمة.
وهذا مثل الشخص الذي كان من قبل يسمي الحجاب الذي أنزله الله من السماء خيمة؛ استهزاء بشرع الله عز وجل.
فيجب على كل امرأة أن تلتزم منذ بلوغها شرع الله من أوامر ونواه، وحلال وحرام، وعقائد وأحكام، وسلوك وأخلاق، ثم تحسن الظن بربها بأنه سوف يأتيها برزقها.
وهذه المرأة المتبرجة تتصور أنها سوف تتزوج رجلاً غير الذي كتب لها في اللوح المحفوظ، وكذلك الرجل الذي يحلق لحيته حتى إذا تقدم لامرأة يقولون له: نعم، أنت شكلك جميل، فنقبلك يا رجل! فهو يتصور أنه يمكن أن يقبل في بيته إلا في البيت الذي كتب له في اللوح المحفوظ.
وعلي بن أبي طالب لما قيل له: ما القدر؟ وضع إبهامه على لسانه هكذا، وأطبقه في كفه وقال: القدر أن هذا مكتوب في اللوح المحفوظ، أي: أن الذي عملته مكتوب في اللوح المحفوظ أن علي بن أبي طالب سوف يعمله في وقت كذا في لحظة كذا.
وقال أحمد بن حنبل لما سئل: ما القدر؟ قال: إن الله على كل شيء قدير، وفي رواية عنه قال: القدر هو قدرة الله عز وجل.
وقدرة الله لا منتهى لها، وأعمال العباد واقعة تحت مشيئة الله وقدرته، سواء المشيئة الشرعية الدينية أو الكونية القدرية، وأنت لا تتزود ولا تعمل ولا تذهب ولا تجيء ولا تروح إلا بقدرة الله، والله تبارك وتعالى كتب ذلك في اللوح المحفوظ، وقد جفت به الأقلام وطويت عليه الصحف، فلا يخاف المرء على رزقه أو على عمره أو على مستقبله، فكل ذلك مكتوب، وما هي إلا أسباب أمر أن يلتمسها.
ولا بد أن يعلم أن السبب يجب أن يكون مشروعاً.
والقول بأن الغاية تبرر الوسيلة ليس كلام المسلمين، بل هذا كلام الصهاينة واليهود، وأما عند المسلمين فلا بد أن تكون الغاية والوسيلة مشروعتين، فإذا أردت أن أصل إلى غرض نبيل معين لكني سوف انتهك الحرمات في سبيل الوصول إلى هذا الغرض، فهذا الطريق غير مشروع، ولا أطالب بسلوكه أبداً، فمثلاً الصدقة على الأيتام مشروعة، وهي عمل حسن، ولكن هذا العمل الحسن لا يحل له أن يسرق أموال الناس، بل لابد أن يكون الغرض مشروعاً والسبيل إليه كذلك مشروعاً، وكلام اليهود لا علاقة لنا به.
فهذه المرأة التي يحملها زوجها على إتيانها من الدبر يحرم عليها تمكينه من ذلك، وهذا كفر عملي.
وبعض البلاد الإسلامية ابتليت بهذا البلاء العظيم جداً، حتى صار إتيان النساء من أدبارهن سجية عندهم، وقد ذهبت أخت من أخواتنا -جزاها الله خيراً- طبيبة إلى أحد المستشفيات في تلك البلاد، وجلست عشرين يوماً ورجعت فارة بسرعة، وأنا في الحقيقة كنت قد أدخلت أناساً إلى تلك البلاد، ولا أعرف هذا البلاء، فسألتها: لماذا رجعت؟ قالت لي: الله يسامحك، كيف أدخلتني إلى هناك وأنا لا أعرف شيئاً؟ قلت لها: ماذا هناك؟ هل تعاملوا معك معاملة ليست طيبة؟ قالت: عاملوني معاملة طيبة، وكنت أظل طول النهار واقفة في غرفة العمليات ولابسة القفاز ويدي في أدبار النساء، فما دخلت امرأة المستشفى إلا وزوجها يأتيها من دبرها، والبلد كلها هكذا، وهذا بلاء عظيم جداً.
وهذا كفر عملي بالله عز وجل، وقد انتشر هذا البلاء في البلد حتى صار وضعاً عادياً جداً.