[تفسير أبي بكر بن العربي لقوله تعالى:(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب)]
وقال أبو بكر بن العربي إمام المالكية في تفسير قوله تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}[التوبة:٦٥] لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جداً أو هزلاً، يعني: إذا استهزءوا بآيات الله، وخاضوا ولعبوا فيها، إما أن يكون هذا الخوض واللعب على سبيل الجد أو على سبيل المزح، وليس هناك أمر ثالث غيرها.
قال: وهو كيف ما كان كفراً، سواء كان جداً أو هزلاً، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة، يعني: أن هذه من مسائل الإجماع عند الأمة، فإذا حصل الاستهزاء بآيات الله تعالى وأحكامه، وشرعه، ورسله، وأنبيائه، فإن ذلك كفر بالإجماع، سواء قالها أو فعلها جاداً أو هازلاً، {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا}[التوبة:٦٥ - ٦٦]، أي: لا تنفعكم المعذرة، {قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٦]، هل يمكن أن يطلق الكفر هنا على الكفر العملي الذي لا يخرج به صاحبه من الملة؟ إذا كان كذلك فما معنى قوله سبحانه وتعالى:{قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٦]، فذكر الكفر في مقابل الإيمان الذي يدل على زوال الإيمان بالكلية.