[الموقف من الشاك في كون القرآن غير مخلوق]
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: لا تقل هؤلاء الواقفة، هؤلاء الشاكة].
يعني: أن الاسم الصحيح لهم أنهم الشاكة، فقد شكوا في الله عز وجل.
قال: [قال المروذي: وسألت أبا عبد الله عمن وقف لا يقول غير مخلوق، وقال: أنا أقول: القرآن كلام الله، قال: يقال له: إن العلماء يقولون: غير مخلوق، فإن أبى، فهو جهمي].
أي: من أتاك وقال لك: أنا أقول: القرآن كلام الله، وهذا الذي يجب علي، فقل له: إن العلماء بعد الفتنة صرحوا بأنه غير مخلوق، فإذا توقف في ذلك ولم يقل: غير مخلوق، فقل له: إنك جهمي.
قال: [قال أبو بكر المروذي: قدم رجل من ناحية الثغر] والثغر هو آخر نقطة بين ديار الإسلام وأرض العدو، ويتوقع أن يدخل منها العدو، وتسمى أيضاً بأرض الرباط.
قال: [قال: قدم رجل من ناحية الثغر فأدخلته على الإمام أحمد، فقال: ابن عم لي يقف وقد زوجته ابنتي].
أي: ابن عم لي يتوقف فلا يقول: مخلوق ولا غير مخلوق، وقد زوجته ابنتي.
قال: [وقد أخذتها وحولتها إلي].
أي: لما بلغني أنه توقف أخذت ابنتي منه وأدخلتها في داري على أن أفرق بينهما.
قال: [فهل أنا مصيب حينئذ؟ قال الإمام: لا ترضى منه حتى يقول: غير مخلوق، فإن أبى ففرق بينهما].
إذاً: هذه المسألة ليست مسألة سهلة، فقد حكم الإمام أحمد بالكفر وأنه جهمي ومخالف ومحاد لله ورسوله وشاك في الله عز وجل وفي صفاته، وأنه لا يحل له أن يتزوج المسلمة، وإذا كان متزوجاً لها فيجب التفريق بينهما، وأنه لا يصلى عليه ولا يجهز ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومن صلى خلفه وجبت عليه إعادة الصلاة، وهذه أحكام المرتد.
قال: [قال أبو داود السجستاني: سمعت أحمد بن عبدة يقول: ما أبالي شككت في القرآن غير مخلوق أو شككت في الله عز وجل].
أي: أنه يقول: ما الفرق بين أن أشك في ذات الله وأن أشك في صفة من صفاته؟ قال: ما أبالي إذا كنت أشك في صفة أو في ذات الله عز وجل؟ فهذا كفر وذاك كفر.
قال: [قال أبو داود: وسمعت إسحاق بن راهويه -وهو من أئمة السلف- يقول: من قال: لا أقول القرآن مخلوق ولا غير مخلوق؛ فهو جهمي.
وقال قتيبة بن سعيد [قيل له: الواقفة؟ فقال: هؤلاء الواقفة شر من الجهمية] أي: من الجهمية الذين صرحوا بأنه مخلوق، [قال: هؤلاء الذين يقولون: كلام الله ويسكتون شر من هؤلاء] يعني: ممن قال: مخلوق.