[نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التخاصم والتنازع في القدر]
قال: [وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القدر، يعني: يتخاصمون في القدر، هذا ينزع بآية وذاك ينزع بآية- فكأنما فقئ في وجهه حب الرمان -يعني: احمر وجهه وغضب غضباً شديداً لمَّا وجد ذلك- فقال: أبهذا أمرتم؟ أبهذا أوكلتم، تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟ انظروا إلى ما أمرتم به فاتبعوه، وإلى ما نهيتم عنه فاجتنبوه)].
فهم قد أمروا بالإيمان بالقدر، لكن لما كان هذا أمراً شائكاً فالأصل فيه إذا ذكر الإمساك، (إذا ذكر القدر فأمسكوا)، وآمنوا به إيماناً جازماً، وسلموا له تسليماً مطلقاً.
فعلينا إذاً: أن نعرف الحلال لنعمله، ونعرف الحرام الذي لا خلاف فيه لنجتنبه، فإنه في القديم لم يكن أحد ينازع قط في حرمة شرب الخمر؛ لأن حرمته أمر معلوم يقيناً، وهذه المسألة بالإجماع، ولا ينبغي أن يكون فيها خلاف، وأما الآن فيأتي من يقول: يا أخي! دعنا من الخمر، أنا أتكلم عن (الوسكي) و (الشمبانيا)، والمشروبات الروحية، والمشروبات الكحولية، كيف تكون حراماً؟! وواحد آخر يقول: ولم هذه الأشياء محرمة إذا كانت الحكومة مرخصة لها؟! وكأن هذه الحكومة حامية الحمى! ألا ترى الزنا والعري والفجور وبيوت الدعارة، ماذا ستقول في هذه الأمور؟ أحرام أم لا؟ يقول لك: لا لا، هذه تصرفات شخصية فردية، وكذلك هذه الأمور مرخص لها، أرأيتم الفلسفة؟! فإذا دخل الأمر إلى هذا الحد فقاطع الجدال والخصومة، فهذا دين الله عز وجل، فهذا أمر حرام ظاهر الحرمة، فيمنع أن يتكلم فيه أحد.
[وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتنازع في القدر، فغضب حتى احمر؛ حتى كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، ثم أقبل علينا فقال: أبهذا أمرتم؟ أو بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر؛ عزمت عليكم ألا تنازعوا فيه)] يعني: أؤكد عليكم ألا تتنازعوا في مثل هذا الأمر.