قال: [عن عبد الله بن سلام قال: خلق الله عز وجل الأرض يوم الأحد والإثنين، وقدر فيها أقواتها، وجعل فيها رواسي -أي: جبالاً- من فوقها في يوم الثلاثاء، والأربعاء، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فخلقها يوم الخميس والجمعة، وأوحى في كل سماء أمرها، وخلق آدم في آخر ساعة من يوم الجمعة، ثم تركه أربعين ينظر إليه ويقول: تبارك الله أحسن الخالقين، ثم نفخ فيه من روحه، فلما دخل في بعضه الروح ذهب ليجلس -أي: تعجل آدم الجلوس.
قال الله عز وجل:{خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[الأنبياء:٣٧]- فلما تبالغ فيه الروح -أي: اشتد أمر الروح فيه- عطس؛ فقال الله عز وجل له: قل: الحمد الله، فقال: الحمد لله، قال الله له: رحمك ربك! ثم قال: اذهب إلى أهل ذاك المجلس من الملائكة فسلم عليهم، ففعل، فقال: هذه تحيتك وتحية ذريتك، ثم مسح ظهره بيديه فأخرج فيهما من هو خالق من ذريته إلى أن تقوم الساعة، ثم قبض يديه ثم قال: اختر يا آدم، قال: اخترت يمينك يا رب، وكلتا يديك يمين، فبسطها وإذا فيها ذريته من أهل الجنة، فقال: ما هؤلاء يا رب؟ قال: هو ما قضيت أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن تقوم الساعة، فإذا فيهم من له وبيص -أي: لمعان وضياء- قال: ما هؤلاء يا رب؟ قال: هم الأنبياء، قال: فمن هذا الذي له فضل وبيص؟ -أي: نور ساطع- قال: هذا ابنك داود، قال: فكم جعلت عمره؟ قال: ستين، قال: فكم عمري؟ قال: ألف سنة، قال: فزده يا رب من عمري أربعين سنة -أي: أعطه من عمري أربعين سنة، فيكون عمر آدم ألف سنة إلا أربعين، ويكون عمر داود مائة عام- قال: إن شئت، قال: يا رب! قد شئت -وفي هذا إثبات أن للعبد مشيئة- قال: إذاً يكتب ثم يختم ثم لا يبدل].
يعني: كأن الله تعالى يقول: انظر يا آدم ما تقول! فإننا لو أخذنا منك الأربعين فوضعناها في عمر ابنك داود؛ فهذا القول لا يبدل، وسيكتب في اللوح المحفوظ ولا رجعة فيه.
قال:[ثم رأى في آخر كف الرحمن آخر له فضل وبيص، قال: فمن هذا يا رب؟ قال: هذا محمد، هو آخرهم وأولهم أدخله الجنة.
فلما أتاه ملك الموت ليقبض نفسه -أي: أتى آدم- قال: إنه قد بقي من عمري أربعون سنة، قال: أولم تكن وهبتها لابنك داود؟! قال: لا، قال: فنسي آدم فنسيت ذريته، وعصى آدم فعصت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته، فذلك أول يوم أمر بالشهداء] أي: أول يوم استدعى الله تعالى فيه الشهود على آدم.
هذا الحديث وإن كان موقوفاً على عبد الله بن سلام؛ فإن له في صحيح مسلم شواهد كثيرة.