أما شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله فقد تكلم في كلام طويل اجتزئ منه قوله: أن من سب الله، أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرماً، أو كان مستحلاً له، أو كان جاهلاً عن اعتقاده، ثم قال: وهذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين: بأن الإيمان قول وعمل.
وقال: إن الحكاية المذكورة عن الفقهاء: أنه إن كان مستحلاً كفر وإلا فلا، ليس لها أصل، وهذا كلام المرجئة، وإنما نقله القاضي من كتاب بعض المتكلمين الذين نقلوه عن الفقهاء، وهؤلاء نقلوا قول الفقهاء بما ظنوه جارياً على أصولهم، أو بما قد سمعوه من بعض المنتسبين إلى الفقه ممن لا يعد قوله قولاً، وقد حكينا نصوص أئمة الفقهاء، وحكاية إجماعهم عمن هو من أعلم الناس بمذاهبهم، فلا يظن ظان أن في المسألة خلافاً يجعل المسألة من مسائل الخلاف والاجتهاد، وإنما ذلك غلط لا يستطيع أحد أن يحكي عن واحد من الفقهاء أئمة الفتوى هذا التفصيل ألبتة.
وأنا أرى أننا قد قرأنا كل النصوص، وبالتالي لا نخرج إلا بالنتيجة التي خرجنا بها الآن وهي: أن الكفر كما يكون بالاعتقاد يكون بالقول وإن لم يستحل أو يجحد أو يكذب، وكذلك بالفعل وإن لم يصحبه استحلال ولا تكذيب ولا جحود، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، وقد رأيتم على ذلك نصوصاً من إجماعاتهم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.