قال: [وعن ابن عباس قال: (قد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يسكنه إياها)]، أي: قد قضى عليه بالهبوط منها قبل أن يدخلها، لا أنه ما دخل الجنة ابتداء، فهو قد دخلها، ولكن الله تعالى علم أنه سيخالف الأمر ويرتكب النهي فيهبط بسبب ذلك إلى الأرض، ثم يتوب فيتوب الله عز وجل عليه.
قال: [(ثم قرأ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}[البقرة:٣٠])]، وكلمة (خليفة) تعني: أنه يخلف قوم قوماً، لا أن الله تعالى يُخلِف عنه أحداً من خلقه؛ لأن بعض أهل العلم فهموا ذلك، فقالوا:(إني جاعل في الأرض خليفة) أي: خليفة عن الله عز وجل، قالوا: ومفاد ذلك أن الله تعالى هو العدل، وهو الحكم الذي يحكم بين عباده بالعدل، لكن الله لا يحكم بينه وبين عباده مباشرة، وإنما بواسطة رسله، فآدم أول نبي بعثه الله عز وجل، وأول رسول أرسله الله هو نوح عليه السلام، وكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً كما تعلمون.
فقالوا: فناسب أن يكون لله تعالى خليفة في الأرض ليحكم بين الذرية بالعدل نيابة عن الله عز وجل، وهذا الكلام بعيد، والصحيح أن معنى (خليفة) أي: يخلف بعضهم بعضاً، ويكون بعد كل قرن قرن، لا أنه أراد آدم على جهة الخصوص.