للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من شعار أهل الإيمان والفلاح السمع والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم]

قال: [وقال الله عز وجل: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور:٥١]].

هذا شعار أهل الإيمان، بخلاف شعار بني إسرائيل الذين قالوا: سمعنا وعصينا.

انظر إلى أهل الجحود والنكران وإلى أصحاب الإيمان، هؤلاء قالوا: سمعنا، وهؤلاء كذلك قالوا: سمعنا، فكل منهم سمع، ولكن شتان بين سماع هؤلاء وسماع هؤلاء، فبنو إسرائيل ما زادوا في كلام الله عز وجل على مجرد السمع بآذانهم، فأعقبهم الله عز وجل عصياناً وجحوداً؛ لأنهم لم يتقبلوا كلام الله عز وجل بالقبول الحسن: {قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة:٩٣]، فختم الله على قلوبهم بالكفر، أما أهل الإيمان فقالوا: (سمعنا) أي: سماع إجابة، كقولك في الصلاة: سمع الله لمن حمده، مع أن الله تعالى يسمع من حمده ويسمع من لم يحمده، يسمع كل شيء من إيمان وكفر، فما فائدة قولك: سمع الله لمن حمده؟ أي: استجاب الله دعاء من دعاه، فسماع المولى عز وجل في قولك: سمع الله لمن حمده، أي: سماع إجابة، وكذلك المؤمنون إنما يقولون: (سمعنا وأطعنا) أي: أجبنا الله عز وجل إلى قوله، وأجبنا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى قوله كذلك.

إذاً: سماع أهل الإيمان سماع إجابة، بمجرد أن تسمع الأمر والنهي تمتثل اعتقاداً وقولاً وعملاً، هذا هو الإيمان، فالإيمان قول وعمل، عمل بالقلب والجوارح، وقول باللسان.

أما عمل القلب فإنه الإيمان والتصديق، وأما عمل الجوارح فأن تظهر نتيجة الإيمان القلبي على الجوارح، فيصلي ويصوم ويزكي ويحج، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وغير ذلك من امتثال الأمر واجتناب النهي، ويسبق هذا كله نطق اللسان، بعد أن يشهد العبد أنه قد آمن بالله ورسوله.