الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أما بعد: قال المصنف رحمه الله تعالى: [الباب الثاني: ذكر الأئمة المضلين الذين أحدثوا الكلام في القدر، وأول من ابتدعه وأنشأه، ودعا إليه.
[عن شيخ أهل البصرة عبد الله بن عون بن أرطبان المزني الحافظ قال: أمران أدركتهما وليس بهذا المصر منهما شيء -أي: وليس في البصرة من هاتين البدعتين شيء-: الكلام في القدر، إن أول من تكلم في القدر رجل من الأساورة يقال له: سيسويه]، وفي رواية: سنسويه، وفي رواية: سوسن، وهو سوسن النصراني الذي أسلم ثم ارتد وتنصر مرة أخرى، ثم أخذه عنه معبد الجهني، ثم أخذه عن معبد غيلان الدمشقي.
فأول من تكلم في القدر رجل كان نصرانياً ثم أسلم ثم تنصر، فتكلم في القدر، وكان أستاذاً في الضلالة، ثم أخذه عنه معبد الجهني وهو من أهل البصرة، ثم أتى إليه غيلان وتعلم منه ذلك.
قال ابن عون في سنسويه:[وكان دحيقاً -يعني: إنساناً طريداً شريداً غير محترم، ولم يكن أحد يقبل عليه، وإنما كان إذا أتى إلى أهل مدينة طردوه عن المجلس، أو قاموا وتركوا له المجلس، فقد كان دحيقاً، أي: طريداً- وما سمعته قال لأحد دحيقاً غيره.
قال: فإذا ليس له عليه تبع إلا الملاحون -وهم أصحاب السفن].
يعني: أول من تكلم في القدر سوسن النصراني، وأول من اتخذ لدعوته أناساً لا حظ لهم من العلم، وبهذا يعلم أن أهل البدع دائماً إنما يتخذون لرواج بدعهم الجهلاء، وأما أهل العلم فيصعب جداً السيطرة عليهم، ولذلك اختار أهل الجهل بدينهم وبشريعتهم، فكان له فيهم تأثير عظيم.
[ثم تكلم فيه بعده رجل كانت له مجالسة -يعني: رجل كان يجالسه- يقال له: معبد الجهني، فإذا له عليه تبع.