ثم يبدأ في المسائل التي أثارها الزنادقة: المسألة الأولى: قال أحمد في قول الله عز وجل: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}[النساء:٥٦].
قالت الزنادقة: فما بال جلودهم التي عصت قد احترقت وأبدلهم جلوداً غيرها، فلا نرى إلا أن الله يعذب جلوداً لم تذنب حين يقول:(بدلناهم جلوداً غيرها)! فشكوا في القرآن، وزعموا أنه متناقض.
قال الإمام: إن قول الله: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا}[النساء:٥٦]، ليس معناه: جلوداً غير جلودهم، وإنما معناه: جددنا لهم نفس الجلود، أي: أن جلودهم التي احترقت أحياها الله تعالى وأعادها مرة أخرى، فهي نفس الجلود التي كانت تكسو عظامهم في وقت ارتكابهم للذنوب، واستحقوا بموجبها العذاب والحرق، فكلما احترقت جلودهم أرجعها الله عز وجل، وجددها لهم مرة أخرى.
وهناك مسألة أخرى لم يذكرها الإمام، وهي: أن العذاب ليس على الجلود فقط، بل على الجلود والأبدان والنفوس والأرواح، وكما أن عذاب القبر يقع على هذا كله، فكذلك عذاب جهنم من باب أولى.