قال:[قال الحسن: شرار عباد الله يتبعون شرار المسائل؛ يعمون بها عباد الله عز وجل.
وقال: إن شرار عباد الله قوم يجيئون بشرار المسائل؛ يعيبون بها عباد الله].
يعني: يعيبون بها أهل العلم، كأن يأتي إنسان ويسأل عما لا يعنيه، ويتعمد إحراج المسئول.
قال: [قال أحمد بن جناب المصيصي: سألت عيسى بن يونس عن قول الله عز وجل: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ}[الرحمن:٢٦]، فإن الحور العين يمتن، قال: فغضب عيسى من ذلك غضباً شديداً، فقال: لقد بعثرنا الحديث بعثرة ما بعثرها أحد -يعني: جمعنا الحديث جمعاً من كل قطر ومصر- ما بقي كوفي ولا بصري ولا مدني ولا مكي ولا حجازي ولا شامي ولا جزري إلا وقد لقيناه وسمعنا منه، ما سمعنا أحداً قط يسأل عن مثل هذا.
ثم قال: ما لكم ومجالسة أهل الأهواء ومحادثتهم؟].
أي: لماذا تجالسونهم وتتحدثون معهم؟ وكثير من الناس جرته الحمية في مجالسة أهل الأهواء، ثم يقع في نفس الهوى وفي نفس البلية، فمثلاً: يريد أن يجلس مع جماعة التكفير أو أي جماعة على بدعة معينة؛ ليتعرف على مداخل ومخارج البدعة، فنقول له: هل أعدت لكل بدعة دليلاً ينقض هذه البدع؟ وهؤلاء لا يعرفون شيئاً من دين الله شيئاً إلا ما ظنوا أنهم قد عقلوه من بدعتهم، فإذا بهذا الشخص يجلس أمام مناظرهم ومجادلهم فيلقي عليه الشبهة ثم الشبهة ثم الشبهة، وهو لا علم له أصلاً بدين الله عز وجل، ولكن أخذته العاطفة والحمية أن يناظر أهل البدع؛ حتى يردهم بزعمه عن بدعتهم، فإذا به بعد إلقاء الشبهات عليه، وعدم قدرته على رد هذه الشبهات؛ يشربها هو، ويشربها قلبه، ثم يتذبذب ويتشكك، فيلقون عليه بالشبهات الأخرى والحجج المتكررة التي لا جواب عنده على واحد منها، ثم إذا هو يرجع وقد شك فيما كان عليه من الحق، وأيقن بما قد سمعه من شبهات.
فنقول لهذا وأمثاله: أنت لا زلت بعد في بداية طلبك للعلم، ولست مطالباً بالمناظرة والمجادلة مع هؤلاء، وإنما المجادلة والمناظرة تكون من أهل العلم الأثبات لا من طلاب العلم المبتدئين في العلم.