[إفساد أصحاب الرأي والجدل والبدع لبيوت الله تعالى]
قال: [وعن يونس بن عبيد قال: قال لي الشعبي: ما مجلس أجلسه أحب إلي من المسجد؛ إذ كنا نجلس فيه إلى أبيك، ثم نتحول إلى الربيع بن خثيم فيقرئنا القرآن، حتى نشأ هؤلاء الصعافقة].
والصعفوق: هو التاجر الذي ليس معه مال، فيدخل السوق ليبيع ويشتري وليس معه مال! فهو يقول: لم يكن هناك مجلس أحب إلى قلبي من الجلوس في بيت من بيوت الله، كنا نجلس نسمع لأبيك، ثم نتحول إلى الربيع بن خثيم، ثم إلى الثالث والرابع نتعلم؛ حتى ظهر هؤلاء المفاليس الذين لا علم عندهم.
قال: [والله لأن أجلس على كناسة أحب إلي من أن أجلس إليهم].
يعني: لو جلست على مزبلة أحب إلي من أن أجلس في مسجد وأصحاب الكلام فيه.
[وقال صالح بن مسلم: كنت مع الشعبي، فلما حاذينا المسجد -أي: كنا بحذاء المسجد وقبالته- قال: لقد بغض إلي هؤلاء الآرائيون هذا المسجد].
أي: أصحاب: أرأيت لو كان كذا ماذا يكون؟ أو لو كان كذا ماذا يكون؟ وغير ذلك.
قال: [لقد بغض إلي هؤلاء الآرائيون هذا المسجد حتى صار أبغض إلي من كناسة داري].
فـ الشعبي لم يقل ذلك إلا لأن هؤلاء أفسدوا أمر الشريعة، فهو لا يكره بيوت الله عز وجل، وإنما كان سبب كراهته دخول هذه البيوت تلك البدع التي أنشئت وأحدثت فيها، فمثلاً أنت الآن تمر على مسجد فيه قبر، فهل تريد أن تدخل فيه؟ هل تحب ذلك؟ فوجود القبر في هذا المسجد هو الذي بغَّض إليك المسجد.
أو هناك إمام مبتدع يؤم الناس في مسجد، فلا شك أنك تبغض هذا المسجد لأجل هذا الإمام، وهكذا لا يبغض المسجد لكونه مسجداً، وإنما يبغض لما أحدثت فيه من البدع.
نسأل الله تعالى أن يسلمنا وإياكم من كل بدعة وسوء، وأن يجنبنا وإياكم كل معصية.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وكل ذلك عندنا.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.