وقد صنف رجل كتاباً في (٣٠٠) صفحة في إنكار عذاب القبر، وهذه الـ (٣٠٠) صفحة كلها ضلال، وعذاب القبر ثابت، وهو من عقيدة الموحدين، فالقبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، ومن أنكره أسأل الله تعالى أن يدخله في حفرة من حفر النار.
وكذلك الشفاعة من أنكرها أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى؛ أن يحرمه منها يوم القيامة.
ثم نسمع مثلاً خلاف العلماء، ورد الشيوخ بعضهم على بعض على المنابر وفي الدروس والمحاضرات على فرعية من الفرعيات، أذكر أن في سنة ١٩٧٦م أو ١٩٧٧م دارت حرب ضروس في الجمعية الشرعية على الذي كان تاركاً للصلاة ثم اهتدى؛ هل يقضي ما فاته أو لا يقضي؟ فقامت حرب ضروس استمرت ثلاثة أشهر، فهذا يرد على هذا وهذا يرد على هذا، ويأتون بأدلة من المحلى لـ ابن حزم، أو المغني، والمسألة هذه لو أثيرت لا أحد ينتبه إليها هذه الأيام؛ لأن الزعزعة أصبحت في الثوابت الكبيرة، كمسائل الإيمان والصلاة والصيام والزكاة والحج، حتى قال قائلهم: إن الحج ممكن أن يكون في أي يوم من أيام الأشهر الحرم.
فأصبحت في الثوابت الكبيرة: في أصول الإيمان وأصول الإسلام، وليس الفرعيات الدقيقة التي اختلف فيها أهل العلم والخلاف فيها معتبر، فالقول بهذا ليس ضالاً، والقول بذاك ليس منحرفاً؛ لأنه مسبوق بكلام أهل العلم، فالزعزعة في هذا الوقت والشك والحيرة والتيه والضلال أصبح في الثوابت التي لم يكن أحد منذ عشرين سنة يجرؤ أن يتكلم فيها، وفي هذا الوقت تصنف فيها مجلدات كبيرة جداً.
فتغطية الوجه إما أنها واجبة أو مستحبة، ولم يقل أحد بغير هذين الحكمين، فالذين قالوا بجواز الكشف هم الذين قالوا باستحباب التغطية، فالخلاف في الحكم وليس في العمل، إلى أن ظهر مسلم من المسلمين يفتي برأي فيقول: النقاب حرام وبدعة! ولا يوجد أحد قال بهذا من أهل العلم، ولا من أهل الجهل منذ أكثر من (١٤٠٠) سنة، فهل الأمة أجمعت على الضلال؟ وهل القرون كلها ضالة؟ فهذا الكلام في منتهى النكارة والشذوذ.