[موقف السلف من المرجئة]
قال: [وقال سفيان عندما ذكروا له المرجئة: رأي محدث أدركنا الناس على غيره]، يعني: الكلام المرجئي الذي أسمعه منكم؛ وهو أن العمل لا علاقة له بالإيمان ولا بأصل الإيمان ولا حقيقته ولا تمامه وكماله، هذا قول محدث أدركنا الناس على خلاف ذلك، وإن ذكر الناس فالمقصود بهم العلماء أهل السنة.
[وقال أيوب: أنا أكبر من دين المرجئة، إن أول من تكلم في الإرجاء من أهل المدينة رجل من بني هاشم يقال له: الحسن]، أي: ابن محمد.
[وقال أبو مليح: سمعت ميمون بن مهران يقول: أنا أكبر من الإرجاء].
[وعن زاذان وميسرة قالا: أتينا الحسن بن محمد الهاشمي فقلنا: ما هذا الكتاب الذي وضعت؟] أي: الحسن بن محمد الهاشمي أول من تكلم في الإرجاء، وكذلك ذر.
فصنف كتاباً يؤصل فيه الإرجاء، ووضع القواعد ومنهج الإرجاء في هذا الكتاب، فلما قرأه زادان وميسرة أتيا إليه فقالا له: [ما هذا الكتاب الذي وضعت.
قال: وكان هو الذي أخرج كتاب المرجئة، قال زاذان قال لي: يا أبا عمر! لوددت أني كنت مت قبل أن أخرج هذا الكتاب أو قبل أن أضع هذا الكتاب]، يعني: هو قد وضع أصول البدع وتاب، لكن هذه السنة عمل بها من أتى بعده، فإذا تاب وصحت توبته وتقبلها الله عز وجل، فلا عبرة بمن أتى بعده.
وأنتم تعلمون أن الذي وضع أصول الأشعرية هو أبو الحسن الأشعري وتاب، والأشاعرة إلى الآن متمسكون جداً بمذهب أبي الحسن الأشعري السابق، ويزعمون أن أبا الحسن لم يتب، ويعتبرون أن ما هم عليه من أشعرية وتأويل وصرف للنصوص عن ظاهرها هو المنهج الحق الذي ينزه البارئ تبارك وتعالى.
فهم يتصورون أنهم على الحق فيقولون: إذا كان أبو الحسن قد تاب فمن أي شيء تاب؟ من الحق الذي كان عليه، فبعضهم يقول: هو تاب إلى الضلال، وهو التشبيه والتجسيم، يعني: انتقل من التأويل إلى التشبيه والتجسيم، وهذا عندهم ضلال؛ ولذلك صنف ابن الجوزي رحمه الله كتاباً لعله أشأم كتاب في الإسلام سماه: دفع شبه التشبيه، أشأم كتاب متعلق بذات الله عز وجل وأسمائه وصفاته.
فهو يرد فيه على الحنابلة رغم أنه حنبلي في الفروع، إلا أنه لا يرضى مذهب أحمد بن حنبل في العقيدة، وكان مؤولاً أشعرياً، وكان يرد على الحنابلة ويقول: إثباتكم للصفات يعني التمثيل والتشبيه، إذا أثبتم لله اليد والعين والوجه وغير ذلك، فأنتم تجعلون الله تبارك وتعالى في صورة رجل، فلما تصور ذلك وعجز أن يدرك حقيقة معتقد أهل السنة والجماعة، والحنابلة على جهة الخصوص؛ ذهب ليرد عليهم بزعمه درءاً ونفياً للتشبيه والتمثيل، فسمى الكتاب دفع شبه التشبيه.
وقد نصح مراراً من أهل السنة والجماعة في زمانه فلم يرجع عن ذلك، ولكنه صنف بعد ذلك رسالة لا تزال في حيز المخطوطات، وهي عندي، وقد بدأت العمل فيها، ويذهب فيها الإمام ابن الجوزي مذهباً عظيماً جداً هو مذهب أهل السنة والجماعة في الصفات، فالذي أبحث عنه الآن بصورة جدية هل هذه الرسالة التي معي صحيحة النسبة إليه بعد كتابته دفع شبه التشبيه أو قبلها؟ فلو صح أنه صنف هذه الرسالة التي بين يدي بعد شبه التشبيه لكان رجلاً من أهل السنة والجماعة، ومات على ذلك.
ولو أن دفع شبه التشبيه بعد هذه الرسالة لقلنا: إنه كان متأثراً أولاً بمذهب أهل السنة والجماعة، حتى ضحك عليه القوم فترك مذهب أهل السنة اعتقاداً منه أنه يدل على التشبيه والتمثيل، وذهب إلى مذهب التأويل أو مذهب الأشاعرة.
[وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: الولاية بدعة، والشهادة بدعة، والبراءة بدعة، والإرجاء بدعة].
وأما البراءة من أهل الإيمان فهي بدعة، والمقصود بالبراءة أن يبرأ من قوم هم على دين الإسلام والسنة، يقول لك: هؤلاء أهل سنة، لا أريد أن أقرب منهم ولا هم يقربون مني، إن هؤلاء السنيين متعصبون ومتشددون، يقول: أول ما نظرت بعيني الصباح بعد أن قمت من النوم على شخص لحيته ربع متر أعوذ بالله! فمن عند أن وضعت عيني عليه علمت أن هذا اليوم من أوله غم وهم.
هذه براءة من أهل السنة، وهذا القول في غاية الخطورة، بل أنت مأمور بموالاة الموحدين ومعاداة الكافرين، فأنت الآن توالي الكفار وتعادي أهل الإيمان.
شخص يقول: أقوم من النوم الصبح فلا أغسل وجهي ولا أصلي الصبح ويكون يوماً مثل الفل، بينما اليوم الذي أصلي فيه الصبح لا أحصل فيه على شيء من المال، ويكون يوم غم علي وعلى عائلتي بالكامل.
وإذا سألته وقلت له: أتصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء؟ يقول لك: نعم، أصليهن عند أن أنام، لأنني أخاف إن صليتهن أثناء النهار أن الرزق ينقطع.
ما هذا الخذلان يا إخوة!! والله العظيم لا يصلح أن يكون هذا معتقد يهود، اليهود ل